الأتمتة هي استخدام التكنولوجيا لأداء المهام مع تقليل المدخلات البشرية إلى الحد الأدنى، ونظراً لأهميتها وكون الاستثمار في الأتمتة هو المستقبل؛ في هذه المقالة سوف نوضح ما هي الأتمتة، وما هي أنواعها، وفوائدها وسلبياتها، وما هو تأثيرها على المجتمع، وما هي الأتمتة الصناعية والأتمتة الإدارية.
تعريف الأتمتة – مصطلح الأتمتة
الأتمتة Automation – التشغيل الآلي – الأتمتة الصناعية هي مصطلحات تشير الي استبدال العمليات اليدوية بالأجهزة الإلكترونية والأجهزة التي يتم التحكم فيها بواسطة الكمبيوتر؛ فعلى سبيل المثال، استبدال آلات الكاتبة اليدوية وخزائن الملفات وكتب المواعيد الورقية فى المكاتب بتطبيقات الكمبيوتر. والأتمتة هي استخدام الإلكترونيات والأجهزة التي يتم التحكم فيها بواسطة الكمبيوتر لتولي التحكم في العمليات “processes”، والهدف من الأتمتة هو تعزيز الكفاءة والموثوقية، ولكن في معظم الحالات، يحل التشغيل الآلي محل العمالة؛ وفي الواقع، يخشى الاقتصاديون اليوم أن تؤدي التكنولوجيا الجديدة في نهاية المطاف إلى رفع معدلات البطالة بشكل كبير.
وفي العديد من مصانع الصناعات التحويلية اليوم، تقوم خطوط التجميع الالية تلقائياً بالوظائف التي اعتاد البشر القيام بها، ويشير مصطلح “الصناعة التحويلية” إلى تحويل المواد الخام والمكونات إلى سلع تامة الصنع على نطاق واسع في المصنع عادة. وتتواجد الأتمتة في العديد من العناصر والأنظمة والوظائف الرئيسية في جميع الصناعات تقريباً، وهي تظهر بشكل خاص في الصناعات التحويلية والنقل وعمليات المرافق والمنافع (ماء وكهرباء)؛ وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت أنظمة الدفاع الوطنية مؤتمتة بشكل متزايد مثل انظمة الدفاع الجوى وأنظمة مراقبة الحدود الوطنية؛ والأتمتة موجودة اليوم في جميع الوظائف داخل الصناعة بما في ذلك الدمج والتركيب والمشتريات والصيانة وحتى التسويق والمبيعات.
مقالة ذات صلة: الهندرة: التعريف، الأهمية، الخطوات، الأهداف، المبادئ
أنواع الأتمتة
- الأتمتة الأساسية (Basic Automation): تأخذ الأتمتة الأساسية مهامًا بسيطة ومتكررة وتقوم بأتمتة هذه المهام، ويتعلق هذا المستوى من الأتمتة برقمنة العمل باستخدام الأتمتة لتبسيط المهام الروتينية.
- أتمتة العمليات (Process Automation): تركز أتمتة العمليات على أتمتة سير عمل محدد أو عمليات تجارية، ويمكن أن يتضمن ذلك استخدام أنظمة برمجية لتبسيط المهام مثل معالجة الطلبات وإدارة المخزون والموافقة على المستندات.
- الأتمتة المتكاملة (Integration Automation): تتضمن أنظمة الأتمتة المتكاملة أتمتة مصانع التصنيع بالكامل مع الحد الأدنى من المشاركة البشرية، ةيمكن استخدام أجهزة الكمبيوتر لتصميم الأجزاء واختبار التصميمات المكتملة ثم تصنيع الأجزاء الجديدة، ويمكن استخدام الأتمتة المتكاملة مع عملية الإنتاج المستمرة والإنتاج على دفعات.
- أتمتة الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence Automation): يتم في هذا النوع إضافة الذكاء الاصطناعي إلى الآلات بما يجعلها تنفذ المهام مع التمتع بالقدرة على التعلم واتخاذ القرارات بناءً على المواقف السابقة ووفقاً لمعطيات كل موقف.
مقالة ذات صلة: إدارة الإنتاج: تعريفها، أهميتها، مهامها
فوائد الأتمتة
توفر الأتمتة العديد من الفوائد الاقتصادية، بدءًا من خلق فرص عمل جديدة وحتى دعم التحديات الديموغرافية:-
- وظائف جديدة : توفر الأتمتة وظائف متخصصة جديدة، مثل فنيي الروبوتات ومحللي الأنظمة.
- تعزيز الإنتاجية : الآلات تعمل بسرعة ودقة، مما يؤدي إلى رفع معدلات الإنتاج.
- تقليل التكاليف : بعد الإعداد الأولي، يمكن أن تكون العمليات الآلية أرخص، مما يسمح للشركات بالاستثمار في أماكن أخرى.
- نمو الابتكار : مع أتمتة المهام الروتينية، يمكن للبشر التركيز على التحديات الإبداعية والمعقدة.
- الميزة العالمية : اعتماد الأتمتة يمنح البلدان والشركات ميزة تنافسية في الأسواق العالمية.
- فوائد المستهلك : يمكن أن يؤدي التوفير الناتج عن التشغيل الآلي إلى أسعار أفضل وتحسين جودة الخدمة.
- مساعدة شيخوخة السكان : في البلدان التي بها عدد أكبر من المواطنين المسنين، يمكن للأتمتة أن تسد فجوات القوى العاملة، وتحافظ على الصحة الاقتصادية.
مقالة ذات صلة: إدارة الجودة الشاملة: ما هي، أهميتها، أهدافها، مبادئها، وظائفها
سلبيات الأتمتة
وفي حين أن للأتمتة فوائدها، فإنها تمثل أيضًا تحديات اقتصادية تحتاج إلى معالجة استباقية:-
- فقدان الوظائف: يمكن أن تؤدي الأتمتة الأولية إلى فقدان الوظائف، خاصة في أدوار المهام المتكررة.
- فجوة المهارات : هناك طلب متزايد على العاملين البارعين في التكنولوجيا، مما قد يؤدي إلى تهميش أولئك الذين ليس لديهم مجموعة مهارات محددة.
- ركود الأجور : في حين أن الإنتاجية قد ترتفع، إلا أن ذلك لا يترجم دائمًا إلى زيادة أجور العمال.
- عدم المساواة الاقتصادية : الثروة الناتجة عن الأتمتة قد تتركز لدى أولئك الذين يمتلكون التكنولوجيا.
- الاضطرابات الاقتصادية قصيرة المدى : مع أتمتة القطاعات، يمكن أن تكون هناك هزات اقتصادية فورية قبل الاستقرار النهائي.
- فقدان اللمسة الإنسانية : في صناعات الخدمات، يمكن أن تؤدي الأتمتة إلى خدمات أقل تخصيصًا.
- الاعتماد المفرط على التكنولوجيا : قد يؤدي الاعتماد المفرط على الأنظمة الآلية إلى جعل الاقتصادات عرضة للفشل التكنولوجي أو الهجمات السيبرانية.
الأتمتة وبيئة المكتب – الأتمتة الإدارية
على مدى السنوات الأربعين الماضية، غيّرت تكنولوجيا المعلومات بيئة المكتب بالكامل، وأصبحت وظائف مثل الاتصال والتوثيق والمراسلات والإيداع مؤتمتة بالكامل، والمكاتب تبدو اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه في الخمسينات؛ فإذا تمكنا من السفر في آلة الزمن إلى الخمسينات، فإن أكوام الورق ستدهشنا، كان المكتب العادي مليئاً بالمواد والمعدات مثل مجلدات مليئة بالمستندات الورقية والآلات الحاسبة ودفاتر الهاتف والدباسات والملاحظات اليومية والملاحظات اللاحقة؛ وكان هناك أيضاً شريط لاصق وأقلام وحتى خرائط وأطالس ورقية.
وفي حين أن بعض العاملين في المكاتب التقليدية لا يزالون يحتفظون بعدد من هذه العناصر في مكاتبهم، فإن التكنولوجيا والأتمتة قد ألغت الحاجة لمعظمها؛ كم منا يستخدم اليوم خريطة مصنوعة من الورق للعثور على الاتجاهات مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاثين عاماً؟.
الأتمتة والعمل المرن
نقلت التكنولوجيا معظم العاملين في المكاتب من روتين ثابت وهو العمل من الساعه 9 صباحاً إلى 5 مساءً إلى العمل المرن، وبفضل الإنترنت والتخزين السحابي Cloud storage وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، يمكننا الآن العمل من أي مكان؛ ولا يمكننا فقط العمل أينما نريد، ولكن أيضاً متى أردنا ذلك. وتعني هذه المرونة أن الناس أصبحوا الآن أكثر قدرة على إدارة توازنهم بين العمل والحياة؛ ومع ذلك، لدينا الآن مشكلة جديدة وهي اننا لا يمكننا التوقف عن العمل تماماَ بعد الآن.
كانت فروع البنوك لديها الكثير من الموظفين والعملاء؛ واليوم، يقوم عدد أقل منا بعملنا المصرفي بشكل فعلى داخل أحد فروع البنوك، فنحن الان نقوم بمعظم خدماتنا المصرفية عبر الإنترنت أو من خلال التحدث إلى الروبوتات على الهاتف؛ وحتى لو ذهبنا إلى فرع البنك، فإن معظمها مليء بالآلات والتكنولوجيا بالداخل، وهذه الآلات الحديثة تسمح لنا بإكمال مهامنا المصرفية.
وفي الواقع، يمكن لمعظمنا التعامل بسهولة دون الحاجة إلى مقابلة مصرفي بشري وجها لوجه؛ ويعتقد البروفيسور هنريك كريستنسن، من معهد الروبوتات السياقية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن الأطفال المولودين اليوم لن يقودوا سيارات أبداً، وستكون السيارات ذاتية القيادة في كل مكان؛ ويتوقع أيضاً أن تكون عدد كبير من الروبوتات مصاحبة الإنسان وتقوم بخدمته على هيئة رعاية صحية ورفاق منزليين.
الأتمتة في بيئة التصنيع
شهد التصنيع تغيرات هائلة على مدى العقود القليلة الماضية، وانخفضت العمالة في التصنيع في الاقتصادات المتقدمة بشكل كبير؛ ففي عام 1996، عملت أربعة عشر بالمائة من القوى العاملة الأمريكية في التصنيع، مقارنة بـ 8 ٪ فقط في عام 2017؛ كان هذا التراجع الكبير خلال عقدين فقط! من يدري ما ستكون النسبة المئوية في غضون عقدين من الزمن!
ولم تختف كل هذه الوظائف بسبب الأتمتة، ولكن تحولت بعض الوظائف إلى الخارج إلى دول ذات تكاليف عمالة أرخص؛ ومع ذلك، كانت نسبة كبيرة من هذه الخسارة بسبب الأتمتة، ويقول الخبراء أن معدل التراجع في عمالة الصناعة التحويلية لن يتباطأ؛ وفي الواقع، يتوقع معظمهم أن المشكلة ستزداد تدريجياً وبشكل أسرع.
عدد الروبوتات يرتفع بسرعة
في الولايات المتحدة، كان هناك 1.2 مليون روبوت في المصانع والمستودعات في عام 2012. قفز هذا الرقم إلى 1.5 بنهاية عام 2014؛ وقال معهد بروكينغز أنه بحلول نهاية عام 2016 ، كان هناك 1.9 مليون روبوت في المصانع والمستودعات؛ وبعبارة أخرى، على مدى أربع سنوات، ارتفع عدد الروبوتات بنسبة 60٪ تقريباً، وأصبحت الروبوتات أكثر تعقيداً واكثر مهارة في أداء المهام المعقدة؛ إن التكاليف المرتفعة المرتبطة بتحويل مصنع كثيف العمالة إلى مصنع مؤتمت تتغير، ويضيق فارق التكلفة مع العاملين من البشر بسرعة، لصالح الروبوتات.
ببساطة، أصبح من الأرخص وضمن ميزانيات تحقق الربح للشركات التحويل إلى الأتمتة الكاملة؛ وغالباً ما عبر الأستاذ الراحل ستيفن هوكينج وبيل جيتس وإيلون ماسك عن القلق بشأن الذكاء الاصطناعي (AI)، إنهم قلقون بشأن ما سيحدث لنا عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيداً وذكاءً، وتم ترشيح الرجال الثلاثة لجائزة Luddite لعام 2017 ، ويرجع ذلك أساساً إلى مخاوفهم بشأن الذكاء الاصطناعي.. قال البروفيسور هوكينج:
“ستنطلق من تلقاء نفسها، وإعادة تصميم نفسها بمعدل متزايد؛ والبشر، المحدودين بسبب التطور البيولوجي البطيء، لا يمكنهم التنافس، وسيحلون محل البشر “.
ستيفن هوكنج
انخفاض تكاليف أتمتة رأس المال
كتب داريل ويست في مقال بعنوان “كيف تغير التكنولوجيا التصنيع” – نشره معهد بروكينغز على الإنترنت: “تبلغ تقديرات وفورات تكلفة العمالة في مختلف البلدان من خلال الأتمتة والروبوتات الآن حوالي 16 في المائة في الدول الصناعية، ولكن أماكن مثل كوريا الجنوبية شهدت توفيراً بنسبة 33 في المائة للتكلفة، وشهدت اليابان توفيراً بنسبة 25 في المائة “.
“إن تقارب هذه التطورات يعني أن الروبوتات تساعد على زيادة الناتج الإجمالي وتوفير المال، ولكنها لا تساعد على إضافة وظائف؛ وبالنظر إلى البيانات من عام 2010 إلى عام 2016، شهدت الصناعة التحويلية زيادة بنسبة 10 إلى 20 في المائة في الإنتاج، ولكن فقط من 2 إلى 5 في المائة في الوظائف “.
الأتمتة ستغير المجتمع بشكل كبير
الروبوتات والتكنولوجيات الأخرى لا تحل محل العمال في التصنيع فحسب، بل أيضاً في التدريس؛ فلقد تزايد عدد الدورات التدريبية عبر الإنترنت التي يتم تشغيلها تلقائياً على مدار العقد الماضي؛ وستتغير الطريقة التي نتحرك بها قريباً بشكل كبير، فلن يمر وقت طويل قبل أن لا يكون لدى السيارات الخاصة والحافلات والقطارات سائقين؛ وفي الواقع، حتى الطائرات التجارية ربما لن يكون لديها طيارين بحلول منتصف هذا القرن.
حتى المهن فائقة الأمان اليوم ستترك المجال للروبوتات في نهاية المطاف، ومن المحتمل أن يدير جراحين من الروبوتات وأطباء وأطباء بيطريون من الروبوتات جميع جوانب الطب بحلول نهاية هذا القرن؛ وبعبارة أخرى، بحلول عام 2100، قد لا يكون هناك أي مهني طبي بشري.
وبحلول عام 2030، يمكن أتمتة ما يصل إلى 861000 وظيفة في القطاع العام في المملكة المتحدة، وفقًا لتقرير Deloitte and Reform؛ ولن يؤدي ذلك فقط إلى خفض فاتورة الأجور بمقدار 17 مليار جنيه إسترليني، ولكنه سيخفض أيضاً القوى العاملة بنسبة 16٪.
الأتمتة والبطالة الهائلة
هناك قلق متزايد من أن أصحاب المؤهلات المتخصصة هم فقط من سيحصلون على وظائف في المستقبل، وربما سيكون الفنانين المهرة والموسيقيين الموهوبين وغيرهم ممن لديهم مواهب يعجب بها البشر مشغولون؛ ومع ذلك، فإن ما سيحدث لبقية السكان هو مثل تخمين أي شخص منا لا احد يعرف شئ على وجه اليقين. ويحذر موشيه فاردي من أن أكثر من 50٪ من القوى العاملة في العالم سيصبحون عاطلين عن العمل خلال ثلاثين عاماً بسبب الأتمتة، والبروفيسور فاردي هو أستاذ في الهندسة الحاسوبية في قسم علوم الكمبيوتر في جامعة رايس.
لن تقوم الروبوتات الذكية فقط باستبدال البشر في مكان العمل، بل من المحتمل أن تتفوق علينا أيضاً.
البروفويسور موشيه فاردي
فيما يتعلق بأداء البشر والروبوتات ، قال البروفيسور فاردي:
“نحن نقترب من وقت تكون فيه الآلات قادرة على التفوق على البشر في أي مهمة تقريباً، وأعتقد أن المجتمع بحاجة إلى مواجهة هذا السؤال قبل أن يطرح علينا: إذا كانت الآلات قادرة على القيام بأي عمل يمكن للبشر القيام به، فماذا سيفعل البشر؟ “
البروفويسور موشيه فاردي
ويجب على مدارسنا إعادة هيكلة مناهجها بحيث يحصل الطلاب على تدريب أفضل في الرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والعلوم، وهناك حاجة متزايدة للعاملين الذين يتمتعون بمهارات STEM كمطوري البرامج ومحللي الأنظمة والمهندسين الطبيين الحيويين وبعض المجالات الأخرى؛ ومهارات STEM هو مصطلح يستخدم لتجميع هذه التخصصات الأكاديمية معاً وهى تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (Science, technology, engineering, and mathematics).
سؤالي لك عزيزي القارئ وانتظر اجابتك فى التعليقات بالأسفل، ماذا سيعمل البشر فى المستقبل مع تواجد الروبوتات؟