نموذج كيرت لوين لإدارة التغيير هو نموذج من ثلاث مراحل لمساعدة قادة الشركات على إحداث التغيير بطريقة ناجحة؛ فمن خلال معرفة المزيد عن نموذج كيرت لوين، يمكنك تحديد ما إذا كنت ستستخدمه مع موظفيك. وفي هذه المقالة، سنوضح ما هو نموذج كيرت لوين، ونوضح سبب أهميته ونناقش كيفية تطبيق نموذج كيرت لوين كقائد في مكان العمل.
ما هي إدارة التغيير؟
إدارة التغيير change management هي العملية التي تستخدم الموارد والأدوات والاستراتيجيات لمساعدة الأفراد على الاستعداد بشكل صحيح لفترة انتقالية في الشركة؛ وإدارة التغيير هي خطة وضعتها المنظمة لمساعدة موظفيها على احتضان التغيير الذي حدث واعتماده والاستفادة منه بشكل صحيح، والذي يعود بالفائدة على جميع المعنيين. وقد تشمل إدارة التغيير الفعال:
- وضع خطط الاتصال والتدريب المناسبة
- إدارة المقاومة المحتملة للتغيير
- توجيه الموظفين نحو انتقال ناجح في المنظمة
مقالة ذات صلة: إدارة التغيير: التعريف، الأهمية، المراحل، المبادئ، الخطوات، أمثلة عليها
ما هو نموذج كيرت لوين؟
نموذج كيرت لوين Lewin’s Change Management Model هو إحدى أهم النماذج التي تعتبر حجر الزاوية لفهم التغيير التنظيمي، تم تطوير هذا النموذج من قبل كورت ليوين في عام 1950 م، وهو فيزيائي وعالم اجتماعي، ولا يزال هذا النموذج قائما ليومنا هذا؛ ويشير إلى عملية من ثلاث مراحل من التغيير وهو معروف بأسم نموذج إذابة الجليد – التغيير – تثبيت التغيير، ولقد قام هذا النموذج بتوضيح مفهوم التغيير التنظيمي قياسا على تغيير شكل كتلة من الجليد.
فإذا كان لديك مكعب كبير من الجليد، ولكننا تدرك أن ما تريده هو شكل مخروطي، ماذا تفعل؟ يجب عليك أولا إذابة الجليد لجعله قابل للتغيير (إذابة الجليد)؛ ثم يجب عليه وضع الثلج المذاب في الشكل الذي تريده (التغيير)؛ وأخيرا، يجب أن تعيد عملية التجميد مرة أخرى في الشكل الجديد (تثبيت التغيير).
بالنظر إلى التغيير كعملية ذات مراحل مختلفة، يمكنك إعداد نفسك لما هو آت ووضع خطة لإدارة المرحلة الانتقالية، فغالبا ما يقوم الناس بتطبيق التغيير بصورة عمياء مما يسبب اضطراب لا لزوم له والكثير من الفوضى؛ و لبدء أي عملية تغيير ناجحة، يجب أن تبدأ أولا من خلال فهم لماذا هذا التغيير يجب أن يحدث؟. فكما قال لوين، “يجب توليد الدافع للتغيير قبل أن يحدث التغيير، ويجب مساعدة المرء على إعادة فحص العديد من الافتراضات المسلم بها حول نفسه وعلاقاته بالآخرين.” وهذه هي مرحلة إذابة الجليد التي يبدأ منها التغيير.
1. إذابة الجليد Unfreeze
إن هذه المرحلة هامة جدا، وتلعب دورا كبيرا في نجاح عملية التغيير، وكثيرا ما تفشل محاولات وجهود التغيير نتيجة إهمال أو اغفال هذه المرحلة وعدم إعطائها الاهتمام المناسب، وتهدف هذه المرحلة إلى إيجاد الاستعداد و التحفيز لدى الفرد للتغيير، ولتعلم معارف أو مهارات أو اتجاهات جديدة عن طريق إلغاء أو استبعاد المعارف والمهارات والاتجاهات الحالية؛ حيث ينشأ لدى الفرد نوع من الفراغ يسمح بتعلم أشياء جديدة لملء هذا الفراغ وتهدف هذه المرحلة إلى إضعاف القوى الحالية وجعل المنظمة قابلة ومستعدة لتقبل التغيير، وذلك عن طريق إظهار مساوئ الوضع الحالي وأهمية إحداث التصحيحات والتعديلات، وتتطلب كذلك هذه المرحلة إعداد تعريف بالمعارف الجديدة والكفاءات والتكنولوجيا الحديثة، عن طريق التدريب و التحضير.
2. مرحلة التغيير Change
وفى هند المرحلة يتعلم الفرد أفكارا وأساليب ومهارات ومعارف جديدة، بحيث يسلك الفرد سلوكا جديد أو يؤدي عمله بطريقة جديدة، أي انه يتم في هذه المرحلة تغيير وتعديل فعلي في الواجبات والمهام أو الأداء والتقنيات أو الهيكل التنظيمي، ويحذر ليوين من التسرع في الإقدام على هذه المرحلة وتغيير الأمور و الأشياء بسرعة غير معقولة، لأنه من شان ذلك أن يؤدي إلى بروز مقاومة لتغيير الوضع الحالي، ويصاحب هند المرحلة الإرباك والتشويش، ومزيج من الشعور بالأمان والقلق.
3. مرحلة تثبيت التغيير Refreeze
تهدف هذه المرحلة إلى تثبيت التغيير و استقراره بمساعدة الأفراد على دمج الاتجاهات والأفكار وأنماط السلوك التي تعلموها في أساليب وطرق عملهم المعتادة، وتصبح الطرق والأساليب الحديثة سهلة ومرضية، وينبغي استخدام التدعيم و التحفيز، كما يمكن استخدام التدريب الإضافي لتعزيز استقرار لتغيير.
أهمية نموذج كيرت لوين؟
يعتبر نموذج كيرت لوين مهم لأنه يوفر خطة إستراتيجية لإحداث التغيير في مكان العمل؛ وفيما يلي بعض الأسباب الإضافية التي تجعل نموذج كيرت لوين مهم:
1. يجعل قادة الشركة ينظرون إلى المقاومة المحتملة
تجبر مرحلة إذابة الجليد في نموذج كيرت لوين قادة الشركة على التفكير في كيفية تفاعل الموظفين مع إعلان التغيير؛ ويتيح لهم ذلك تطوير مواد إعلامية أو عروض تقديمية أو حوافز للمساعدة في تهدئة الأعصاب وجعل الموظفين متحمسين للتغييرات.
مقالة ذات صلة: القائد – التعريف، المهام، الصفات، المهارات، التحديات
2. يساعد قادة الشركة على تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية لمراقبة التقدم
في بداية مرحلة التغيير، يحتاج قادة الشركة إلى تحديد كيفية قياس التكيف الناجح مع التغيير؛ وتساعد قدرتهم على تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs على تحديد الموظفين الذين يحتاجون إلى مساعدة إضافية، أو ما إذا كانت التغييرات التي تم إجراؤها تساعد بالفعل في نحاح الشركة.
مقالة ذات صلة: مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs: ما هي، أهميتها، أنواعها، أمثلة عليها، كيفية إنشائها
3. يضمن قيام قادة الشركة بوضع اللمسات الأخيرة على التغييرات
يتمثل جزء رئيسي من نموذج كيرت لوين في تثبيت التغيير في المنظمة للتأكد من استمرار التغييرات سارية المفعول، وهذا يجبر قادة الشركة على اتخاذ التصرفات اللازمة وإجراء تغييرات دائمة؛ ويساعد هذا أيضًا الموظفين لأنه يضع مجموعة جديدة من السياسات أو الإجراءات التي يجب الالتزام بها في روتين عملهم اليومي.
مقالة ذات صلة: الفرق بين السياسات والإجراءات والبرنامج والقواعد
كيفية تطبيق نموذج كيرت لوين في مكان العمل
استخدم هذه الخطوات كدليل لتحديد كيفية تطبيق نموذج كيرت لوين في مكان العمل:
أولاً: مرحلة إذابة الجليد Unfreeze
في مرحلة إذابة الجليد، ركز على التخطيط لنهجك في الإعلان عن التغييرات ومساعدة الموظفين على فهمه؛ وإليك ما يجب القيام به في مرحلة إذابة الجليد:
1. حدد التغييرات التي تريد إجراءها
ضع في اعتبارك كيف يمكن تحسين العمليات الحالية باستخدام التقنيات الموفرة للوقت أو باستخدام تواصل أفضل بين الموظفين أو عوامل أخرى، ويمكن أن يساعدك هذا في تحديد أنواع التغييرات التي سيستفيد منها شركتك على المدى الطويل؛ وهناك طريقة أخرى لتحديد التغييرات الضرورية وهي مراجعة بيانات الأداء للفريق بأكمله.
2. تحدث مع الإدارة العليا للحصول على إذن
قبل أن تتمكن من الإعلان عن التغييرات التي تريد إجراؤها، عليك أولاً استشارة الإدارة العليا لمعرفة رأيهم؛ ولضمان حصولك على دعم الإدارة العليا، يجب عليك تقديم اقتراح يحدد السياسات أو الإجراءات الحالية وكيف يمكن للتغييرات أن تعزز العمليات.
مقالة ذات صلة: إدارة العمليات: التعريف، الأهمية، التطور التاريخي، المهام
3. إعداد مواد العرض التقديمي للمساعدة على الفهم
يشتمل جزء مهم من مرحلة إذابة الجليد على إنشاء مذكرات إعلامية وعروض تقديمية؛ وهذا مهم للإجابة علي أسئلة الموظفين ومساعدتهم على فهم التنفيذ المفاجئ للتغيير في روتين عملهم.
4. التفكير في ردود فعل الموظفين على التغييرات
قد يتفاعل موظفوك بشكل مختلف اعتمادًا على كيفية رؤيتهم للتغييرات في سياق واجباتهم الوظيفية؛ فقد يعرب بعض الموظفين عن حماسهم تجاه التغيير، ولكن قد يحتاج آخرون إلى مزيد من الوقت لمعالجة التغييرات ولتكيف معها؛ ويتيح لك التفكير في ردود أفعالهم الاستعداد الذهني وتطوير نقاط الحديث لمساعدتهم.
5. ربط التغيير بأهداف الشركة
قد يكون الموظفون أكثر استعدادًا لقبول التغييرات إذا فهموا سببها، فتأكد من إبراز كيف ستفيدهم هذه التغييرات وكيف ستفيد الشركة في إعلانك عن التغيير.
مقالة ذات صلة: الإدارة بالأهداف: ما هي، مميزاتها، عيوبها، خطوات تنفيذها، أمثلة عليها
6. أكد على دعمك لمساعدة الموظفين على التكيف مع التغييرات
قد يساعد إظهار دعمك لموظفيك في تهدئة أعصابهم وتبني التغيير كشيء إيجابي، وكما أيضاً سيشجع الموظفين على المجيء إليك بأسئلتهم أو مخاوفهم.
ثانياً:- مرحلة التغيير Change
أثناء مرحلة التغيير، تحتاج إلى التأكد من تقديم إرشادات مستمرة لمساعدة الموظفين على التكيف مع التغييرات؛ إليك ما يجب القيام به في هذه المرحلة:
1. حدد كيف تخطط لقياس التقدم
قبل تنفيذ التغييرات، تحتاج إلى التوصل إلى مجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لقياس تبني موظفيك للسياسات أو الإجراءات أو الأدوار الجديدة.
2. قم بزيادة التواصل للإجابة عن أسئلة الموظفين
خلال مرحلة التغيير، يجب أن تكون متاح للموظفين لكي يتواصلوا معك؛ فيجب أن تظهر مدى تواجدك عن طريق تخصيص وقتك لهم، وترك باب مكتبك مفتوحًا للإجابة علي استفساراتهم في اي وقت، وقم القيام بجولات عبر مكاتب موظفيك للتحقق من وجود اي استفسارات عندهم.
3. تتبع تقدم الموظفين
بينما يتكيف الموظفون مع ممارسات مكان العمل الجديدة، تأكد من مراجعة مؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بك لتحديد التغييرات التي يتكيفون معها بشكل جيد، والتغييرات التي لا يزالون بحاجة إلى المساعدة فيها.
4. قم بإنشاء استبيان مجهول لجمع التغذية الراجعة من الموظفين
السماح للموظفين بإعطاء تغذية راجعة feedback مجهولة يتيح لك الحصول على رؤى صادقة حول رأيهم في التغييرات وما إذا كانت لديهم أفكار أخرى للمساهمة بها، وكما يُظهر لموظفيك أنك تهتم بما يفكرون به وتقدر آرائهم.
ثالثاً:- مرحلة تثبيت التغيير Refreeze
في مرحلة إعادة تثبيت التغيير، تحتاج إلى التأكد من أن التغييرات تصبح جزءًا دائمًا من الشركة؛ وهذا ما يجب عليك فعله في هذه المرحلة:
1. استحداث الحوافز والمكافآت فيما يتعلق بالتغييرات
هناك طريقة رائعة لوضع اللمسات الأخيرة على التغييرات كجزء من الشركة وهي ربطها بالحوافز وأنظمة المكافآت؛ وربط هذه التغييرات التي أجريتها بمكافأة إيجابية، يؤثر بشكل إيجابي على مشاركة الموظفين في التغييرات.
مقالة ذات صلة: الحوافز – التعريف والأنواع والأهمية والأمثلة والمزايا
2. تنفيذ برامج تدريبية للمساعدة في تعزيز معرفة الموظفين بمجالات التغيير
تسمح برامج التدريب للموظفين باكتساب المزيد من المعرفة المتعمقة حول واحد أو أكثر من التغييرات التي نفذتها؛ ويساعد ذلك على زيادة مستويات الراحة لديهم ويساعدهم على الشعور براحة أكبر مع التغييرات التي أجريتها.
3. مدح الموظفين لقدرتهم على التكيف
هناك طريقة أخرى لإنهاء التغييرات في شركتك وهي تزويد الموظفين بتغذية راجعة إيجابية لجهودهم وإظهار كيف أثرت هذه التغييرات بشكل إيجابي على الشركة، وهذا يحفز الموظفين على مواصلة عملهم مع وجود التغييرات وسريانها.
تعريف الإدارة الاستراتيجية
الإدارة الاستراتيجية Strategic Management هي مجموعة التصرفات والقرارات التى تعمل على إيجاد استراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة، ورغم أن هذا التعريف يميل أكثر إلى العمومية والتوصيف لطبيعة العمل الاستراتيجي الإداري، فإن هناك من عرّف إدارة الاستراتيجية من منطلق الأدوار والمراحل الضرورية لإتمامها، ومن هؤلاء (Fred R David) فريد داوود الذي عرفها بقوله: “فن وعلم صياغة، وتطبيق، وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها أن تمكن المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ”.
ومن خلال ذلك يتضح أن هناك ثلاث مراحل أساسية لإتمام عملية إدارة الاستراتيجية وهي:-
أ. صياغة الاستراتيجية: Strategy Formulation
ب. تطبيق الاستراتيجية: Strategy Implementation
ج. تقويم الاستراتيجية: Strategy Evaluation
مقالة ذات صلة: الإدارة الإستراتيجية: التعريف، الأهمية، الأهداف، المراحل، التطور
مقالة ذات صلة: مراحل الإدارة الإستراتيجية
ما هي صياغة الاستراتيجية؟
صياغة الإستراتيجية strategy formulation هي عملية اختيار مسار العمل الأنسب لتحقيق الأهداف والغايات التنظيمية وبالتالي تحقيق الرؤية التنظيمية، وتعرف ايضاً صياغة الاستراتيجية بأنها هي عملية تحديد الأهداف وتحديد الخطة التنفيذية المناسبة لتحقيق تلك الأهداف؛ وتستخدم المنظمة صياغة الإستراتيجية للتخطيط للنجاح وإدخال تحسينات على استراتيجيات مكان العمل حسب الحاجة. وصياغة الإستراتيجية ضرورية لتحقيق وقياس إمكانية تحقيق الأهداف؛ وبعد إنشاء الاستراتيجيات، تقوم المنظمة عادةً بتعليم موظفيها حتى يعرفوا غرض المنظمة وأهدافها وغاياتها.
مقالة ذات صلة: صياغة الاستراتيجية: ما هي، مراحلها، نصائح، أثر النواحي السياسية
أثر النواحي السياسية على صياغة الاستراتيجية
إن العلاقات السياسية الداخلية بأي شركة تلعب دورا كبيرا في التأثير على اختيار الاستراتيجيات في جميع المنظمات، فالواقع يشير فى كثير من المنظمات – إن لم يكن كلها – إلى أن قرارات الاستراتيجية تعتمد فى معظم الأحيان على الجوانب السياسية التى تحكم لحظتها، ويرجع ذلك إلى أنه – كما هو معلوم – إذا لم يحظ البديل الاستراتيجي الأفضل بتأييد مجموعات الأفراد الرئيسية، فإن هذه الاستراتيجية لن تضمن التنفيذ الفعال.
نموذج تحليل مجال القوى وتحليل القوى السياسية بالمنظمة
من الأدوات المفيدة لتحليل القوى السياسية الموجودة فى أية منظمة، ومعرفة دورها وموقفها من عملية التغيير الاستراتيجي، وتأثيرها المحتمل عليه مستقبلا، الاستعانة بهذا النموذج الذي طوره (كيرت لوين Kurt Lewin) والذي يفيد استخدامه في تشخيص موقف القوى المختلفة (المؤيدة والمعارضة) لعملية التغيير الاستراتيجي، وتأثيرها على التوازن في مجال القوى، وتحديد هل من الأصلح المضي في عملية التغيير الاستراتيجي وتنفيذه، أم يجب التريث بعض الوقت حتى يمكن إحداث أي تعديل في توازن القوى يكون في صالح عملية التغيير وليس ضدها؛ ويعتبر هذا النموذج أنه في أي موقف يوجد به سعى للتغيير يوجد نوعين من القوى كما هو واضح فى الشكل التالى:
أ. القوى المؤيدة Driving Forces أو الدافعة نحو إحداث التغيير.
ب. القوى المعوقة أو المعارضة Restraining Forces وهي التي تعوق وتعارض عملية التغيير الاستراتيجي المطلوب.
وما لم تؤخذ في الحسبان القوى المعوقة أو المعارضة جيدا، ويحسب وزنها، فإنها قد تؤدي إلى إصابة كل ما بذل من جهد في إعداد وصياغة الاستراتيجية بالفشل الزريع؛ وذلك بمقاومتها بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة أثناء عملية التنفيذ، إذا لم تستطع أن توقف مسارها أصلاً منذ البداية، وهي في مراحل الإعداد والصياغة المبكرة. ولذلك على رجل الاستراتيجية أن يستفيد من هذا التحليل الجيد، ولا يبدأ في تنفيذ الاستراتيجية إلا وقد ضمن لها عوامل النجاح المطلوبة تقريبا، وخاصة من جانب القوى الداخلية، ناهيك عن القوى الخارجية المحيطة. ونتيجة لهذا التحليل يكون أمام إدارة الاستراتيجية ثلاثة بدائل متوقعة، وهي:
البديل الأول: أن ترجح القوى الدافعة على القوى المعارضة
وفي هذه الحالة فإن ميزان القوى العام يكون في صالح المضي بالتغيير الاستراتيجي المطلوب، حيث سيضمن ذلك – إلى حد كبير – أن يكون هناك قبول وتأييد لتطبيق هذه الاستراتيجية، ومن ثم تقل درجة المقاومة لها إلى أقل درجة ممكنة، وتكون فرص نجاحها كبيرة.
البديل الثاني: أن تتساوى كل من القوى الدافعة والمعارضة
وفي هذه الحالة فإن الموقف يكون حساساً، ويحتاج إلى تحريك – ولو بسيط – لتعديل في ميزان القوى، لصالح عملية التغيير؛ وذلك إما بمحاولة زيادة قوى التأييد والدفع، أو بتخفيض قوى التعويق والمعارضة، أو بالعمل على تحقيق الهدفين معا حتى تضمن الإدارة أكبر فرصة لنجاح عملية التغيير الاستراتيجي، وتقليل فرص مقاومة التغيير
البديل الثالث: القوى المعارضة أكبر من المؤيدة
وفي هذه الحالة يكون الموقف بالغ الحرج والحساسية، ولا يكون من الصالح على الإطلاق المضى في عملية التطبيق الاستراتيجى دون إعادة النظر في تحليل ميزان القوى؛ لأن نتيجة التغيير في هذه الحالة ستواجه بمقاومة شديدة لن تقوى الإدارة على التصدي لها، وسوف يخرج زمام الأمور من يدها، وستكون النتيجة النهائية المتوقعة هي الفشل لكل ما سبق من جهود في عملية الإعداد والترتيب لصياغة وتخطيط الاستراتيجية، مهما كان ذلك جيدا ومفيدا.
ولذلك إذا وجدت إدارة الاستراتيجية أن تحليل مجال القوى يشر إلى مثل هذا الموقف، فإنه لن يكون أمامها إلا أحد بديلين، وهما: التوقف عن المضي في عملية التغيير كلية، أو الانتظار بعض الوقت حتى يمكنها أن تتعامل مع القوى المؤثرة في التوازن العام للموقف السائد، وتعمل على تغييره لصالحها، وذلك كالآتي:
- زيادة القوى المؤيدة والدافعة حتى تتفوق على القوى المعارضة.
- أو تخفيض القوى المعوقة والمعارضة حتى تقل عن القوى المؤيدة.
- أو العمل على تدعيم الاتجاهين معا وفي نفس الوقت.
فإذا حدث تغيير في ميزان القوى لصالح عملية التطبيق والتنفيذ للاستراتيجية المقترحة، فستكون فرصة نجاحها أكبر وتقل إحتملات مقاومتها وتضعف؛ أما إذا ظل الموقف في غير صالح عملية التغيير الاستراتيجي المقترح، فإنه من الحمق حينئذ السير ضد التيار والمضي في عملية التغيير والتطبيق، لأن مأله سوف يكون الفشل، إن عاجلا أو أجلا.
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.