كيف ستشعر بالعيش في عالم تكون فيه جميع المنتجات متماثلة؟ سيكون هذا أيضًا العالم الذي لا تملك فيه أنت كمستهلك ولا الشركة كبائع القدرة على التأثير على سعر السوق! وهذا ما يدور حوله سوق المنافسة الكاملة تمامًا؛ وعلى الرغم من أنه قد لا يكون موجودة في العالم الحقيقي، إلا أن سوق المنافسة الكاملة يعد معيارًا مهمًا لتقييم ما إذا كانت الموارد يتم تخصيصها بكفاءة في هياكل السوق الحقيقية في الاقتصاد. وفي هذه المقالة، ستتعلم كل ما يمكن معرفته عن سوق المنافسة الكاملة. هل أنت مهتم؟ إذن واصل القراءة!
تعريف السوق
السوق Market هو المكان الذي يلتقي فيه المشترون والبائعون لتبادل السلع والخدمات وغيرها من المعلومات ذات الصلة، ويمكن أن يلتقي كلا الطرفين في مدينة او ولاية او مقاطعة او دولة، وقد يكون السوق مادياً أو افتراضياً؛ وأحد الطرفين (البائع) يبيع منتجاً أو خدمة إلى مشترٍ مقابل مزايا مالية، وفي معظم الأوقات يوجد أكثر من بائع ومشتري واحد في السوق. وتستند قيمة وأسعار المنتج والخدمة على قانون العرض والطلب في السوق؛ فالسوق هو مجموعة من جميع المشترين الفعليين والمحتملين للمنتجات والخدمات.
مقالة ذات صلة: تعريف السوق وانواع الأسواق وانواع هيكل السوق بالتفصيل
سوق المنافسة الكاملة
سوق المنافسة الكاملة او سوق المنافسة التامة Perfect Competition هو هيكل السوق الذي تقدم فيه العديد من الشركات منتجاً متجانساً (متشابهاً)، ولأن هناك حرية دخول وخروج ومعلومات مثالية، ستحقق الشركات أرباحاً عادية وستظل الأسعار منخفضة بسبب الضغوط التنافسية.
والمنافسة الكاملة هي هيكل سوق نظري حيث لا توجد منافسة مباشرة بين الشركات أو البائعين؛ وبدلاً من ذلك، يوجد العديد من البائعين (المشترين أيضًا) في السوق الذين يبيعون في نفس الوقت منتجًا متطابقًا بسعر السوق؛ وبالتالي، فإن لكل بائع حصة صغيرة جدًا في السوق مع سيطرة محدودة على أسعار السوق. وتعتبر المنافسة الكاملة السيناريو المثالي للسوق لأنها تخصص الموارد المتاحة بكفاءة أكبر؛ وسوق المنافسة الكاملة غير موجود في العالم الحقيقي، وبدلاً من ذلك، يتم استخدامه كمعيار لإجراء تحليل مقارن مع الأسواق الحقيقية في الاقتصاد.
مقالة ذات صلة: المنافسة الاحتكارية: ما هي، خصائصها، مزاياها، عيوبها، أمثلة عليها
ما هو الربح العادي؟
الربح العادي هو مصطلح اقتصادي يصف الموقف الذي تكون فيه التكاليف الإجمالية للشركة مساوية لإجمالي إيراداتها؛ وبشكل أكثر وضوحاً، عندما يساوي الربح العادي إجمالي التكاليف الصريحة و التكاليف الضمنية (تكلفة الفرصة البديلة) إجمالي مبلغ المال الذي حققته الشركة خلال فترة محددة؛ وعندما تحقق الشركة ربح عادي، فهذا يعني أن إيراداتها تغطي نفقاتها ويمكن للشركة أن تظل قادرة على المنافسة في السوق الحالية.
مثال 1
فيما يلي مثال على تحديد ما إذا كانت الشركة قد حققت ربحًا عاديًا:
على سبيل المثال، يمتلك محمد خطاب متجراً لبيع الزهور يسمى زهور خطاب، والذي يدر عائدات إجمالية تساوي 170 ألف دولار كل عام. وعند مراجعة النفقات، يكتشف محمد أنه يدفع 30 ألف دولار سنويًا علي المواد الخام، و 40 ألف دولار سنويًا في إيجارات المباني، وإجمالي 80 ألف دولار لرواتب الموظفين، بما في ذلك راتبه الشخصي؛ وبالتالي إجمالي نفقاته الصريحة هي: 30.000 دولار + 40.000 دولار + 80.000 دولار = 150.000 دولار، ويحدد محمد خطاب أن التكاليف الضمنية هي 20.000 دولار سنويًا، والتي تشمل بشكل أساسي الإيرادات التي لم يحصل عليها بسبب استخدام جزء من متجره كاستوديو شخصي بدلاً من تأجيره.
وبإضافة التكاليف الضمنية إلى التكاليف المباشرة، فإن إجمالي نفقات محمد خطاب يساوي 170 ألف دولار. ويقوم بإدخال الأرقام في معادلة الربح الاقتصادي، والتي هي: 170.000 دولار – 170.000 دولار = 0 دولار مع ربح اقتصادي قدره 0 دولار، فزهور محمد خطاب في حالة ربح عادي حاليًا؛ ويكشف هذا الحساب أن الشركة لا تزال قادرة على المنافسة في صناعة الزهور.
مثال 2
إليك مثال آخر لتحديد ما إذا كانت الشركة قد حققت ربحًا عاديًا:
يمتلك محمد خطاب صالون حلاقة يسمى كلاس هير، والذي يدر أكثر من 200000 دولار كإجمالي إيرادات كل عام. وبعد مراجعة نفقاته، اكتشف محمد خطاب أنه ينفق 40 ألف دولار سنويًا على المعدات ومستلزمات الشعر، و 50 ألف دولار في إيجارات المباني، و 20 ألف دولار لرسوم التأمين، وإجمالي 70 ألف دولار لرواتب الموظفين، بما في ذلك راتبه الشخصي؛ وإجمالي نفقاته الصريحة هي: 40.000 دولار + 50.000 دولار + 20.000 دولار + 70.000 دولار = 180.000 دولار، وحدد محمد خطاب تكاليفه الضمنية للسنة هي 10000 دولار من الوظيفة التي رفضها، والتي كانت ستمنحه راتبًا إضافيًا قدره 10000 دولار.
وبإضافة التكاليف الضمنية إلى التكاليف الصريحة، فإن إجمالي نفقات محمد خطاب يساوي 190 ألف دولار؛ ويقوم بطرح إجمالي المصروفات من إجمالي الإيرادات، وهو: 200،000 دولار – 190،000 دولار = 10،000 دولار، فإذا استمر محمد خطاب في تحقيق ربح اقتصادي إيجابي، فقد يغري ذلك صالونات الحلاقة المنافسة، مما قد يتسبب في حالة ربح عادي لأعماله في المستقبل.
مقالة ذات صلة: تكلفة الفرصة البديلة: ما هي، أهميتها، عواملها، كيفية حسابها، مثال عليها
خصائص سوق المنافسة الكاملة
فيما يلي قائمة بخصائص سوق المنافسة الكاملة:
1. سوق كبير
يوجد عدد كبير من المشترين والبائعين في السوق، والبائعون هم أفراد أو شركات صغيرة أو متوسطة يملكها أفراد؛ ومع ذلك، فإن عددًا كبيرًا من البائعين والمشترين يحافظون على ثبات الطلب والعرض في السوق. فعلى سبيل المثال، يمكن للمشتري أن يستبدل الشركات بسهولة لشراء منتجه، كما أن البائع لديه عدد كبير من المشترين.
مقالة ذات صلة: العرض والطلب: التعريف، الأهمية، المنحني، العوامل الرئيسية، أمثلة
2. سوق متجانس
تبيع الشركات منتجات متطابقة لها ميزات وأسعار مماثلة؛ ومن ثم، لا يمكن للمشتري التفريق بين المنتجات المتاحة بناءً على الميزات ولا يفضل المشتري عمومًا اختيار منتج أو بائع معين على غيره.
3. حرية دخول السوق أو الخروج منه
في سوق المنافسة الكاملة، تكون تكاليف البدء والإنتاج منخفضة للغاية، ويكون الطلب على المنتجات مرتفعًا؛ وبالتالي، فإن الدخول إلى السوق أمر سهل. ومع ذلك، لنفترض أن بعض الشركات تتكبد خسائر، ويصبح البقاء في السوق صعبًا بسبب المنافسة الشديدة؛ فعندئذ، يكون الخروج سهلاً، ويحل منافسون جدد آخرون مكانهم للوفاء بمتطلبات العرض.
4. قيود والتزامات أقل من الحكومات
بالنسبة للبائعين، فإن الحواجز الحكومية أقل، ويُسمح للبائعين ببيع منتجاتهم في السوق بحرية؛ وبالمثل، يتمتع المشترون بحرية شراء السلع والخدمات التي يقدمها البائعون، والأسعار غير منظمة ولكنها تتغير وفقًا للعرض والطلب.
5. توافر معلومات مثالية
يتمتع البائعون بمعرفة كاملة بالسوق وبالتكاليف المطلوبة والمتطلبات التكنولوجية وأساليب التسويق ومستويات التوريد حسب الطلبات في السوق؛ ومن ناحية أخرى، يكون المشتري على علم تام بتوافر المنتجات وميزاتها وجودتها وأسعارها. وبالتالي، فإن التلاعب بالسوق من قبل أي من الطرفين غير ممكن.
6. مواصلات رخيصة وفعالة
يعد النقل جزءًا مهمًا من كل عمل، وفي سوق تنافسي تمامًا، يكون النقل للبائع منخفضًا؛ وبالتالي، تنخفض أسعار المنتجات. وأيضًا، يتوفر نقل فعال بسهولة، مما يؤدي إلى تقليل التأخير في نقل البضائع.
7. لا توجد احتمالية لتحقيق ارباح غير عادية
إذا تم تحقيق أرباح غير عادية، فسوف تنجذب الشركات الجديدة إلى الصناعة مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار، وإذا كانت الشركات تتكبد خسارة، فستترك الشركات الصناعة مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار؛ وفي هذا السوق لا توجد شركة قادرة على زيادة أسعار المنتجات لتحقيق أرباح غير عادية.
مقالة ذات صلة: سوق احتكار القلة: ما هو، خصائصه، أنواعه، نتائجه، أمثلة عليه
مزايا سوق المنافسة الكاملة
هناك العديد من المزايا لسوق المنافسة الكاملة، من الناحية النظرية؛ حيث يخلق سوق المنافسة الكاملة او كما يعرف ايضاً بسوق المنافسة المثالية سيناريو مثاليًا حيث يتم تلبية احتياجات البائعين والمشترين، وهذا النوع من هيكل الأسواق له عدد من الفوائد التي تجعله أداة مفيدة للمقارنة. وهذه الفوائد هي:
- المعرفة الكاملة: نظرًا لوجود المعرفة الكاملة، يمكن افتراض أن المعرفة بالسوق يتم تقاسمها بالتساوي بين المشترين والبائعين.
- لا وجود لاحتكارات : بدون حواجز تمنع الشركات الصغيرة من المنافسة، لا يوجد أبدًا أي قلق من الاحتكار في السوق.
- الربح: الأرباح طبيعية ويمكن الاعتماد عليها، ويحقق البائعون ما يكفي لتغطية التكاليف الأساسية ويكون لديهم بعض الأرباح المتبقية.
- التسويق غير مهم: هذه فائدة للشركات لأنها لن تضطر إلى إنفاق الأموال علي الإعلان أو التعريف بالعلامة التجارية في سوق مثالي حيث تتساوى جميع المنتجات في الصفات والمزايا.
- الحد الأقصى: في السوق المثالية (سوق المنافسة الكاملة)، يتم تحقيق أقصى حد من الأداء والكفاءة ويكون أمام المستهلك أقصي حد من خيارات الشراء.
- ذروة الكفاءة: في سوق المنافسة الكاملة، تعمل الشركات بكفاءة قصوى، وهو مقياس لا يمكن تحقيقه بسهولة في السوق العادية.
مقالة ذات صلة: الاحتكار: ما هو، أنواعه، خصائصه، اسبابه، اضراره، طرق قياسه
عيوب سوق المنافسة الكاملة
هناك بعض العيوب لسوق المنافسة الكاملة. ومن المثير للاهتمام، أن تلك العيوب تنبع من صميم صفات سوق المنافسة الكاملة. وهذه العيوب هي:
- غير واقعي : تستند معظم المزايا المذكورة في القسم السابق إلى فكرة إمكانية وجود ظروف سوق مثالية، وهي فرضية غير واقعية.
- التحيز في صنع القرار: نادرًا ما يكون اتخاذ القرارات التجارية مثاليًا، وهذا السوق لا يأخذ في الحسبان التحيزات الموجودة عندما تتخذ الشركات قرارات حول كيفية التعامل مع السوق.
- النطاق: لا يوجد مجال لوفورات الحجم economies of scale، كصفة متأصلة في المنافسة الكاملة بسبب العدد الكبير من الشركات التي يجب أن تتنافس من أجل وجود هذا السوق.
- عدم تمايز المنتج: في سوق المنافسة الكاملة، تكون جميع المنتجات متماثلة بشكل أساسي، أو معادلة لبعضها البعض؛ وهذا لا يترك مجالًا للابتكار لصنع منتجات خاصة للمستهلكين.
- التأثير علي البحث العلمي: بدون الشركات التي لديها أموال زائدة عن الحاجة لإنفاقها، فمن غير المرجح أن يتم استثمار اموال في البحث والتطوير الذي يطور الطب والعلوم؛ ومن المحتمل أن يكون لهذا تأثير مجتمعي دائم.
- لا يوجد حافز للابتكار: بين الافتقار إلى تمايز المنتجات ومفهوم أن جميع المشترين والبائعين لديهم كل المعرفة التي يحتاجون إليها للشراء، لا يوجد مجال لنمو الابتكار.
أمثلة على سوق المنافسة الكاملة
في العالم الحقيقي، من الصعب العثور على أمثلة للصناعات التي تناسب جميع معايير “المعرفة الكاملة” و “المعلومات الكاملة”. ومع ذلك، فإن بعض الصناعات قريبة.
- أسواق الصرف الأجنبي (الفوركس). فى الفوركس العملات كلها متجانسة؛ وأيضاً، سيتمكن التجار من الوصول إلى العديد من المشترين والبائعين المختلفين، وستكون هناك معلومات جيدة حول الأسعار النسبية عند شراء العملة ولذلك من السهل مقارنة الاسعار.
- الأسواق الزراعية. في بعض الحالات، هناك العديد من المزارعين يبيعون منتجات متطابقة فى السوق وللعديد من المشترين، ومن السهل مقارنة الأسعار في السوق؛ ولذلك، غالباً ما تقترب الأسواق الزراعية من المنافسة الكاملة.
- الصناعات المتعلقة بالإنترنت. جعل الإنترنت العديد من الأسواق أقرب إلى المنافسة الكاملة لأن الإنترنت جعل من السهل جداً مقارنة الأسعار بسرعة وكفاءة (معلومات مثالية)؛ وأيضاً، جعلت الإنترنت حواجز الدخول أقل. فعلى سبيل المثال، يعتبر بيع سلعة شائعة على الإنترنت من خلال خدمة مثل ebay قريباً من المنافسة الكاملة، فمن السهل مقارنة أسعار الكتب والشراء من أرخصها؛ ولقد مكن الإنترنت من انخفاض أسعار العديد من الكتب بحيث لا تحقق الشركات التي تبيع الكتب على الإنترنت سوى أرباح عادية.
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.