في هذه المقالة نوضح في البداية تعريف القانون، ثم نلقي الضوء باختصار على أقسام القانون، ثم نوضح تعريف القانون الخاص، ثم نوضح فروع القانون الخاص بالتفصيل؛ حيث قمنا بالتعريف بالقانون المدني، والقانون التجاري، والقانون البحري، والقانون الجوي، والقانون الزراعي، وقانون العمل، وقانون المرافعات المدنية والتجارية، والقانون الدولي الخاص..
تعريف القانون
درج الفقهاء على تعريف القانون بأنه: “مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، وتقترن بجزاء مادي يكفل احترامها”؛ والقانون وفقا لهذا التعريف هو القانون بمعناه العام، وهذا المعنى هو المستفاد من لفظ القانون عند إطلاقه.
غير أن اصطلاح القانون قد لا ينصرف إلى هذا المعنى العام، فقد يقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية لتنظيم مسألة معينة، فيقال مثلاً قانون المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات؛ وفي هذه الحالة ينصرف اصطلاح القانون إلى معنى أضيق من المعنى السابق، حيث يقصد به التشريع فقط، وللعلم التشريع ليس هو القانون بمعناه الواسع ولكنه أحد مصادر القانون.
مقالة ذات صلة: القانون: تعريفه، خصائصه، أهميته، أقسامه، مصادره، أقسامه
خصائص القاعدة القانونية
ويمكننا أن نخلص من التعريف السابق للقانون بأن القاعدة القانونية تتميز بخصائص ثلاث:-
- قاعدة عامة ومجردة
- قاعدة تنظم سلوك الأفراد في المجتمع.
- قاعدة مصحوبة بجزاء توقعه السلطة العامة على المخالف.
مقالة ذات صلة: خصائص القاعدة القانونية – شرح بالتفصيل والأمثلة
أقسام القانون
تعريف القانون العام
القانون العام هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها سلطة ذات سيادة.
تعريف القانون الخاص
القانون الخاص هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة باعتبارها شخصا عاديا لا باعتبارها سلطة نات سيادة.
مقالة ذات صلة: أقسام القانون والفرق بين القانون العام والخاص وفروعهما
فروع القانون العام
ينقسم القانون العام إلى قانون عام خارجي، حيث تدخل الدولة باعتبارها صاحبة سيادة في علاقات مع غيرها من الدول أو المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة، وقانون عام داخلي حيث تدخل الدولة باعتبارها سلطة ذات سيادة في علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الأشخاص المعنوية الخاصة؛ ويشتمل القانون العام في ضوء ما سبق على خمسة فروع هي :
- القانون الدولي العام.
- القانون الدستوري.
- القانون الإداري.
- القانون المالي.
- القانون الجنائي.
مقالة ذات صلة: تعريف القانون العام وفروع القانون العام بالتفصيل
فروع القانون الخاص
قدمنا أن القانون الخاص هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة باعتبارها شخصا عاديا لا باعتبارها سلطة ذات سيادة؛ والقانون الخاص في ضوء التعريف السابق، يشتمل على ثمانية فروع أساسية هي:
- القانون المدني.
- القانون التجاري.
- القانون البحري.
- القانون الجوي.
- القانون الزراعي.
- قانون العمل.
- قانون المرافعات المدنية والتجارية.
- القانون الدولي الخاص.
أولاً:- القانون المدني
تعريف القانون المدني
القانون المدني هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الخاصة بين أفراد المجتمع، عدا ما يتناوله بالتنظيم فرع آخر من فروع القانون الخاص؛ ويعتبر القانون المدني أهم فروع القانون الخاص على الإطلاق، وما القانون التجاري أو قانون العمل أو قانون المرافعات إلا فروع انفصلت عنه بعد أن ظهرت دواعي الحاجة إلى تنظيمها.
فقد كانت علاقات جميع الأفراد فيما مضى -أيا كان نوعها سواء تجارية أو غيرها- تخضع للقانون المدني، ولكن نتيجة التطورات التي طرأت على المجتمع، ظهرت الحاجة إلى تنظيم فروع جديدة مشتقة عن القانون المدني، يتخصص كل منها بمعالجة نوع من معين من العلاقات، فالقانون التجاري مثلاً ظهر لتنظيم العلاقات بين التجار، وقانون العمل ظهر لتنظيم علاقة رب العمل بالعمال، والقانون الزراعي ظهر لتنظيم الملكية الزراعية والعلاقة بين ملاك الأراضي الزراعية ومستأجريها، وهكذا.
ويجمع فقهاء القانون على أن القانون المدني يعتبر هو الشريعة العامة للقانون الخاص، بمعنى أنه بمثابة المرجع العام لتنظيم جميع العلاقات التي تنشأ بين أفراد المجتمع في الأحوال التي تسكت فيها الفروع المشتقة عن القانون المدني عن تنظيم مسألة من المسائل التي تدخل في نطاقها.
موضوعات القانون المدني
وينظم القانون المدني نوعين من العلاقات، هما العلاقات المرتبطة بالأسرة وتسمى بمسائل “الأحوال الشخصية”، والعلاقات المرتبطة بالمال وتسمى بمسائل “الأحوال العينية”؛ وفيما يلي نعرض بإيجاز لهذين النوعين:-
أ. الأحوال الشخصية
تتناول مسائل الأحوال الشخصية كل ما يتعلق بالأسرة سواء مسائل الزواج أو الطلاق أو الخلع أو النفقة أو الميراث أو الوصية، كما تتناول كل ما يتعلق بحالة الأشخاص وأهليتهم، بالإضافة إلى مسائل النسب والقرابة وكل ما يترتب عليها من حقوق؛ وعلى الرغم من أن مسائل الأحوال الشخصية تدخل ضمن موضوعات القانون المدني في أغلب دول العالم، إلا أن الوضع يختلف في مصر وفي جميع البلدان العربية، حيث اثر رجال القانون في الوطن العربي ترك حكمها لقواعد الشريعة الإسلامية والشرائع الدينية المختلفة على اعتبار أن هناك صلة وثيقة بين الدين وهذه المسائل.
ب. الأحوال العينية
أما مسائل الأحوال العينية فتتناول كل ما يتعلق بنشاط الأفراد بالنسبة للمال، حيث يعنى القانون المدني بالحقوق المالية بوجه عام، وتنقسم هذه الحقوق إلى نوعين :
1. الحقوق الشخصية
يقصد بالحق الشخصي، أو الالتزام كما يطلق عليه في أغلب الأحيان، رابطة بين شخصين يلتزم بمقتضاها أحدهم وهو المدين بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل لصالح الطرف الآخر وهو الدائن؛ ومثال ذلك التزام المقاول ببناء منزل أو التزام الطبيب بإجراء جراحة للمريض أو التزام بائع المحل التجاري بعدم فتح محل مماثل يمارس ذات النشاط تجنباً لمنافسة مشتري المحل؛ وقد حدد القانون المدني مصادر الالتزام، مقرراً بأنها تكون في العقد أو الإرادة المنفردة أو العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب، كما حدد الآثار المترتبة علي الالتزام، مبينا وأوصافه وانتقاله وانقضائه، فضلا عن كيفية إثباته.
مقالة ذات صلة: الحقوق المالية – الحقوق العينية والحقوق الشخصية
2. الحقوق العينية
والحق العيني هو عبارة عن سلطة مباشرة على شئ، وهو ينقسم إلى قسمين:-
- القسم الأول يتناول الحقوق العينية الأصلية:- كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى، وغير ذلك من الحقوق التي تتناولها بالتفصيل كتب نظرية الحق.
- القسم الثاني يتناول الحقوق العينية التبعية:– كالرهن الرسمي والرهن الحيازي وحق الامتياز، وقد سميت هذه الحقوق بالتبعية لأنها لا تظهر مستقلة، وإنما تأتي تابعة لحق شخصي آخر تضمن الوفاء به.
مقالة ذات صلة: الحقوق العينية – الحقوق العينية الأصلية والتبعية – التعريف والأنواع
ثانيا:- القانون التجاري
تعريف القانون التجاري
يعتبر القانون التجاري فرع من فروع القانون الخاص، وهو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المعاملات التجارية التي تنشأ بين التجار.
موضوعات القانون التجاري
والقانون التجاري في ضوء التعريف السابق يتناول العديد من الموضوعات يمكن إبراز أهمها على النحو التالي :
- يحدد لنا القانون التجاري ما هو المقصود بالأعمال التجارية، ومتى يعتبر العمل تجارياً بحيث تسري عليه أحكام القانون التجاري.
- يحدد لنا من هو التاجر، وما هي الالتزامات الملقاة على عاتقه، كمسك الدفاتر التجارية والقيد بالسجل التجاري.
- ينظم القانون التجاري كل ما يتصل بالشركات التجارية، فيبين أنواعها المختلفة، سواء كانت شركات أشخاص أو شركات أموال أو شركات مختلطة؛ كذلك يبين كيفية تكوين هذه الشركات، وكيفية ممارستها لأنشطتها، بالإضافة إلى طرق انقضائها.
- يتناول القانون التجاري الأحكام الخاصة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة والشيك والسند لأمر، فيبين الشروط التي يجب أن تتوافر فيها حتى تستوفي شكلها القانوني، كما يبين كيفية تظهيرها والآثار المترتبة على ذلك.
- يتعرض القانون التجاري لقواعد السمسرة والوكالة بالعمولة، كما ينظم أحكام شهر إفلاس التاجر وإجراءات تعيين أمين التفليسة (السنديك)، وأحكام الملكية الصناعية وما يرتبط بالعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية، وبراءات الاختراع.
- يقوم القانون التجاري ببيان عمليات البنوك كالحسابات الجارية وخطابات الضمان والاعتمادات المستندية، كما يبين أعمال شركات الصرافة، وكيفية تداول الأسهم والسندات داخل بورصة الأوراق المالية، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بنقل التكنولوجيا وكل ما يتصل بالنشاط التجاري بصفة عامة.
مقالة ذات صلة: القانون التجاري: تعريفه، موضوعاته، فروعه
ثالثاً:- القانون البحري
تعريف القانون البحري
يراد بالقانون البحري مجموعة القواعد التي تنظم التجارة في البحار، والعلاقات الخاصة التي تنشأ بمناسبة الملاحة البحرية.
موضوعات القانون البحري
ويشتمل القانون البحري على موضوعات عديدة تدور أساساً حول السفينة البحرية:
- القانون البحري ينظم العقود التي ترد على السفينة من بيع أو إيجار أو رهن، كما يبين كيفية تجهيز السفينة وطرق استغلالها.
- القانون البحري ينظم العلاقات التي تنشأ بين صاحب السفينة أو مؤجرها وبين الربان والعاملين عليها.
- القانون البحري ينظم عقد العمل البحري وعقد النقل البحري، ومسؤولية الناقل، والتأمين على السفن والبضائع التي على ظهرها، وغير ذلك من المسائل المتصلة بالتجارة البحرية.
وعلى الرغم من أن المسائل التي ينظمها القانون البحري يمكن أن تدخل ضمن موضوعات القانون التجاري، إلا أن مجموعة من العوامل أدت إلى فصل القانون البحري عن القانون التجاري واعتباره فرعاً مستقلا بذاته من فروع القانون الخاص؛ ولعل من أبرز العوامل التي دفعت القائمون على وضع التشريعات إلى تنظيم مستقل لأحكام القانون البحري هي ضخامة القيمة النقدية للسفن البحرية، وتعرضها الدائم للأخطار الجسمية، فضلا عن كونها بعيدة عن إشراف صاحبها في معظم الأحيان.
رابعاً:- القانون الجوي
تعريف القانون الجوي
القانون الجوي هو مجموعة القواعد التي تنظم الملاحة الجوية؛ وواضح من التعريف أن قواعد القانون الجوي تدور جميعها حول أداة الملاحة الجوية وهي الطائرة، وكل ما يتصل بها.
موضوعات القانون الجوي
ينظم القانون الجوى الحقوق التي ترد على الطائرة من حيث جنسيتها وملكيتها وإجراءات تسجيلها، كما ينظم علاقة مالك الطائرة بقائدها و طاقمها وركابها؛ كذلك ينظم هذا القانون عقد النقل الجوي، فيحدد مسئولية الناقل سواء أنصب النقل على أشخاص أو على بضائع، كما يحدد حجم التعويضات التي قد تدفع في أحوال تلف أو تأخر البضائع أو في أحوال الكوارث الجوية.
خامساً:- القانون الزراعي
تعريف القانون الزراعي
يقصد بالقانون الزراعي مجموعة القواعد التي تنظم ملكية الأراضي الزراعية، والعلاقات الناشئة بين ملاك هذه الأراضي ومستأجريها والعاملين بها؛ والقانون الزراعي يخاطب المهتمين بالزراعة، فيبين الحد الأقصى لملكية الفرد والأسرة من الأراضي الزراعية، كما يتناول المسائل المتعلقة باستغلال الأراضي الزراعية كالإيجار والرهن، بالإضافة إلى تنظيمه العلاقة بين العامل الزراعي ورب العمل، كذلك يهتم القانون الزراعي بتنظيم الجمعيات التعاونية الزراعية والائتمان الزراعي.
وقد كان القانون الزراعي يدخل ضمن الموضوعات التي يتناولها القانون المدني، إلا أن إدراك المشرع للأهمية التي تكتسبها التعاملات الواقعة على الأراضي الزراعية ساعد على ظهور هذا الفرع مستقلاً عن أحكام القانون المدني؛ ولعلنا نشير في هذا الصدد إلى أبرز القوانين المصرية التي اهتمت بالملكية الزراعية، وهو قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 م الذي تعاقبت عليه العديد من القوانين المعدلة التي غيرت كثيراً من المبادئ والأحكام التي كان يحملها هذا القانون.
سادساً:- قانون العمل
تعريف قانون العمل
قانون العمل هو مجموعة من القواعد المنظمة للعلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال في إطار العمل التابع، فالعامل يقدم لصاحب العمل جهده نظير ما يحصل عليه من الأجر، وهو في ذلك يرتبط مع صاحب العمل برابطة تبعية يكون بموجبها خاضعاً لرقابته وتوجيهه؛ وقد نشأ قانون العمل نتيجة الثورة الصناعية التي انتشرت في جميع أنحاء العالم، وما ترتب على استخدام الآلات الحديثة من ظهور طبقة العمال التي تعرضت لظلم اجتماعي فترة من الزمن نتيجة لسيادة المذهب الفردي وما يقرره من حرية التعاقد.
ولكن مع تقدم الصناعة وما أدى إليه من زيادة الأيدي العاملة ومناداتها المستمرة بضرورة تدخل الدولة لتنظيم علاقات العمل على نحو يحفظ للعمال حقوقهم ويحميهم من التعسف، أدى إلى إصدار تشريعات مختلفة في هذا الشأن تهدف إلى حماية الطبقة العاملة، ثم ما لبثت هذه التشريعات أن كونت فرعاً مستقلاً من فروع القانون، وهو قانون العمل.
موضوعات قانون العمل
- يهتم قانون العمل برعاية حقوق العمال، فينظم عقد العمل الفردي وعقد العمل الجماعي، كما يبين القواعد المحددة لساعات العمل، والحد الأدنى للأجور، كما يقرر الراحة الأسبوعية والإجازات المدفوعة الأجر، بالإضافة إلى قواعد تشغيل النساء والأحداث.
- يعنى قانون العمل بتنظيم دور النقابات العمالية في حماية مصالح العمال وتعويضهم في أحوال العجز أو المرض، فضلاً عن تنظيم قواعد حل منازعات العمل عن طريق التوفيق والتحكيم.
ولا يفوتنا أن نشير إلى أنه ضمانا لفاعلية الحماية التي تقررها قوانين العمل لصالح طائفة العمال، يعتبر المشرع أن القواعد المقررة لمصلحة العمال هي قواعد امرة لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها؛ فعلى سبيل المثال، إذا كان القانون يضع حداً أقصى لساعات العمل فلا يجوز لرب العمل الاتفاق مع العامل على زيادة هذه الساعات مع استمراره في الحصول على أجره المعتاد دون زيادة، فمثل هذا الاتفاق يخالف قاعدة قانونية امرة، وبالتالي فهو يقع باطلاً.
مقالة ذات صلة: القواعد القانونية – القواعد الآمرة والمكملة تعريفها وأمثلة عليها
سابعاً:- قانون المرافعات المدنية والتجارية
تعريف قانون المرافعات
يمكن تعريف قانون المرافعات المدنية والتجارية بأنه مجموعة القواعد التي تنظم السلطة القضائية، وتبين الإجراءات الواجب اتباعها أمام المحاكم، وذلك بشأن المنازعات المتعلقة بمسائل القانون الخاص؛ وقانون المرافعات المدنية والتجارية لا يهتم ببيان حقوق الأفراد وواجباتهم، مثل ما هو متبع في مختلف فروع القانون الخاص، وإنما يهتم بالإجراءات التي يجب على الأفراد اتباعها من أجل رفع مظالمهم إلى السلطة المختصة، والحصول على حقوقهم المغتصبة نتيجة اعتداء الغير عليها.
موضوعات قانون المرافعات
يشتمل قانون المرافعات على ثلاثة موضوعات رئيسية :
الموضوع الأول:- النظام القضائي
حيث يبين قانون المرافعات تشكيل المحاكم في مختلف درجاتها، وشروط تعيين القضاة وكيفية نقلهم أو عزلهم والضمانات المقررة لهم؛ وكذلك ينظم قانون المرافعات الدور الذي يقوم به أعوان القضاء من المحامين والكتبة والمحضرين.
الموضوع الثاني:- الاختصاص القضائي
حيث يتم توزيع ولاية القضاء على المحاكم بأنواعها ودرجاتها المختلفة، وما يستتبع ذلك من تحديد قواعد الاختصاص النوعي والاختصاص القيمي، فضلا عن قواعد الاختصاص المحلي.
الموضوع الثالث:- إجراءات التقاضي
حيث يبين قانون المرافعات الإجراءات الواجبة الاتباع أمام المحاكم التي تطبق قواعد القانون الخاص؛ فهو الذي يبين طريقة رفع الدعوى والبيانات الواجب توافرها بالصحيفة التي ترفع بها، وما يجوز إبداء من دفوع شكلية وموضوعية، فضلاً عن كيفية الحكم في النزاع، وطرق الطعن على الأحكام والمواعيد المقررة لهذه الطعون حتى إذا ما صار الحكم نهائيا تعرض قانون المرافعات للإجراءات الواجبة الإتباع لتنفيذ الأحكام و الاستشكالات التي يمكن أن تتم على التنفيذ.
ثامناً:- القانون الدولي الخاص
تعريف القانون الدولي الخاص
يمكن تعريف القانون الدولي الخاص بأنه مجموعة القواعد التي تبين القانون الواجب التطبيق على العلاقة التي يدخل فيها عنصر أجنبي، كما تبين مدى ولاية المحاكم بنظر النزاع الناشئ عن هذا النوع من العلاقات؛ ولتوضيح هذا التعريف نقول أن الأصل في العلاقات التي تنشأ بين أفراد المجتمع أنها نكون وطنية من كافة جوانبها لا يدخل فيها أي عنصر أجنبي، كأن يتزوج مصري من مصرية ويبرم عقد الزواج في مصر أو أن يبيع مصري لمصري آخر عقاراً أو منقولاً موجوداً في الأرض المصرية أو أن يرث مصري قريبه المصري الذي توجد أمواله في مصر.
ففي جميع هذه الحالات لا توجد مشكلة حول معرفة المحاكم المختصة بنظر المنازعات التي قد تنشأ عن هذه العلاقات، أو القانون الواجب التطبيق عليها، إذ ينعقد الاختصاص للمحاكم المصرية، ويطبق في شأنها القانون المصري؛ ولكن تثور المشكلة إذا انطوت العلاقة على عنصر أجنبي أو أكثر بأن كان أحد أطرافها أو كلاهما أجنبيا، أوكان المال محل العلاقة موجودا في بلد أجنبي، إذ يثور التساؤل حينئذ حول معرفة المحكمة التي تختص بنظر النزاع، والقانون الواجب التطبيق عليها.
تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص
ومثال ذلك، أن يتزوج مصري من فرنسية ويبرم عقد الزواج في سويسرا ثم يثور نزاع بين الزوجين بشأن عقد الزواج، ففي هذه الحالة يثور التساؤل الآتي : هل تختص المحكمة المصرية (باعتبارها محكمة جنسية الزوج ) أم المحكمة الفرنسية (باعتبارها محكمة جنسية الزوجة) أم المحكمة السويسرية (باعتبارها محكمة محل إبرام عقد الزواج)؛ وإذا كان نظر هذا النزاع يدخل في اختصاص المحكمة المصرية، فأي القوانين نطبق : هل القانون المصري أم القانون الفرنسي أم القانون السويسري؟
وقواعد القانون الدولي الخاص هي التي تجيب على مثل هذه التساؤلات، فتحدد المحكمة المختصة بنظر المنازعات التي يدخل فيها العنصر الأجنبي، ويتعارف الفقه على تسمية هذه القواعد بـ “قواعد تنازع الاختصاص”؛ كما تحدد قواعد القانون الدولي الخاص القانون الواجب التطبيق على العلاقة المتنازع عليها، ويتعارف الفقه على تسمية هذه القواعد بـ “قواعد تنازع القوانين أو قواعد الاسناد”؛ ولا يقتصر القانون الدولي الخاص على تحديد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق، وإنما يضاف إلى ذلك موضوعات الجنسية ومركز الأجانب؛ فبالنسبة للجنسية، يحدد القانون الدولي الخاص شروط اكتساب الجنسية المصرية، وكيفية إسقاطها أو سحبها، فضلا عن حالات ازدواج الجنسية وتأثيرها على حقوق الشخص وواجباته.
وكذلك ينظم القانون مركز الأجانب، فيحدد ما يتمتع به الأجنبي المقيم على أرض الدولة من حقوق وما يجوز أن يفرض عليه من تكاليف، وفي هذا الصدد يكتسب التمييز بين الأجنبي والوطني أهمية بالغة لأن الوطني يتمتع بمزايا لا تتوافر بالنسبة للاجنبي، ويظهر ذلك على وجه الخصوص في مجال الحقوق السياسية كحق الانتخاب والحق في التوظف، كذلك لا يجوز إبعاد الوطني بينما يحق للدولة إقصاء أي أجنبي عن إقليمها إذا رأت أن بقاؤه غير مرغوب فيه، فمثل هذه الحقوق قاصرة على الوطنيين وحدهم؛ وفي المقابل يخضع الوطني لأعباء لا تفرض على الأجنبي مثل أداء الخدمة العسكرية.
وأخيراً يلاحظ أنه لا يوجد قانون دولي خاص واحد لكل الدول، فكل دولة لها قانون دولي خاص يعد جزء من قانونها الداخلي وفرعاً من فروع القانون الخاص لديها، ولذلك قد تختلف قواعد القانون الدولي الخاص المطبقة في مصر عن قواعد القانون الدولي الخاص المطبقة في غيرها من دول العالم.
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.