في هذه المقالة نوضح في البداية تعريف القانون، ثم نوضح تعريف الجزاء القانوني، ثم نوضح تعريف الدعوى البوليصية (دعوى عدم نفاذ التصرفات في حق الدائن)، ثم نقوم بتوضيح أهداف الدعوى البوليصية (دعوى عدم نفاذ التصرفات في حق الدائن) وآثارها وشروطها؛ وبالطبع لم يفوتنا التعريف بالدعوة المباشرة والدعوى الغير مباشرة.
تعريف الجزاء القانوني
الجزاء هو الأثر المترتب على مخالفة القاعدة القانونية، والغرض منه هو الضغط على إرادة الأفراد حتى يمثلوا لأوامر القانون ونواهيه، لأنه إذا كان القانون يهدف إلى كفالة الأمن والاستقرار في المجتمع، فإن هذا الغرض لن يتحقق إذا تركنا للأفراد حرية احترام القاعدة القانونية أو عدم احترامها.
لكن يجب ألا يفهم من ضرورة وجود الجزاء في القاعدة القانونية أن الأفراد لا يحترمون القانون إلا خوفا من الجزاء، ذلك أن غالبية الناس يحترمون القانون باعتباره ضرورة اجتماعية لابد منها لحماية النظام الجماعي وكفالة الأمن والاستقرار للجميع، وبديهي أنه كلما ارتقت الجماعة كلما رسخ في نفوس أفرادها احترام القانون؛ ولكن احترام الأفراد للقانون عن إرادة وشعور لا يغير شيئا من القول بأن القاعدة القانونية يجب أن تكون مصحوبة بجزاء، لأن العبرة ليست باحترام القانون طواعية، وإنما المهم أن يكون معروفا مقدما أن من يخالف القانون سيتعرض لجزاء يوقع عليه.
مقالة ذات صلة: الجزاء القانوني: تعريفه، خصائصه، تطوره، انواعه
جزاء الإلغاء
وجزاء الإلغاء هو صورة خاصة من صور الجزاءات المدنية المتعلقة بالتصرفات القانونية، فعندما ينعقد تصرف قانوني فيه مخالفة لقاعدة من القواعد القانونية يظهر جزاء الإلغاء المتمثل في إلغاء هذا التصرف واعتباره كأن لم يكن؛ ويمكن تقسيم جزاء الإلغاء حسب مدى جسامة المخالفة القانونية إلى ثلاثة أنواع، هي البطلان والفسخ، فضلا عن عدم نفاذ التصرفات في مواجهة الغير.
مقالة ذات صلة: أنواع الجزاء – الفرق بين الجزاء الجنائي والمدني والإداري
دعوى عدم نفاذ التصرفات في حق الدائن – الدعوى البوليصية
هي دعوى يقيمها الدائن للطعن في التصرفات الضارة به والصادرة من مدينه المعسر بقصد حمايته من غشه والمحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين، فقد يقوم المدين ببيع بعض أمواله لتخرج من الضمان العام للدائنين، أو يحابي الغير على حسـاب الدائنين، فيهب بعض أمواله لصديق أو قريب فيخرج المال الموهوب من الضمان العام؛ وحمايةً للدائنين من مثل هذه التصرفات أعطى القانون للدائن دعوى يطلب فيها عدم نفاذ تصرف مدينه في حقه، و اشتهرت بالدعوى البوليصية نسبة إلى الحاكم الروماني (بولص) الذي قيل إنه هو الذي قررها لأول مرة، وإن كان يعتقد غالباً أن يكون شخصاً خيالياً.
أهداف دعوى عدم نفاذ التصرفات في حق الدائن – الدعوى البوليصية
الحكمة من هذه الدعوى مزدوجة فهي تهدف الى:
- المحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين، بالرغم من أن المدين حر في التصرف في أمواله، وأن هذه التصرفات نافذة في حق دائنيه، إلا أن هذه الحرية قد تتقيد لمصلحة الدائنين في سبيل المحافظة على الضمان العام لحقوق الدائنين.
- حماية الدائنين من غش المدين المعسر عن طريق المطالبة بعدم سريان اثر تصرفه في مواجهتهم.
ملحوظة : الدائن لا يطلب إبطال تصرف المدين، إنما يطلب عدم سريان هذا التصرف في حقه، مع بقائه قائما بين المدين والمتصرف إليه.
آثار دعوى عدم نفاذ التصرفات
أ. آثار الدعوى بالنسبة للدائنين
متى تقرر عدم نفاذ التصرف يستفيد منه جميع الدائنين الذين صدر التصرف إضراراً بهم، وعلى ذلك فإن الدائن رافع الدعوى وغيره من الدائنين لا يمكن الاحتجاج بالتصرف في مواجهتهم فيستطيع أي دائن منهم اتخاذ كافة إجراءات التنفيذ على المال محل التصرف كما لو كان باقياً في ذمة المدين.
ب آثار الدعوى على العلاقة بين المتصرف والمتصرف إليه
إن دعوى عدم نفاذ التصرف لا تمس وجود التصرف المبرم بين المدين [المتصرف] والمتصرف إليه، فإن هذا التصرف يبقى صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وعلى ذلك فإن للمتصرف إليه أن يرجع على المدين المتصرف؛ فيمكن للمتصرف إليه أن يرجع على المدين المتصرف بكل الدفوع التي تنشأ من التصرف، فله أن يطالبه بضمان الاستحقاق أو التنفيذ بمقابل أو بالفسخ والتعويض.
مقالة ذات صلة: جزاء الإلغاء والفرق بين البطلان والفسخ وعدم نفاذ التصرف
للتوضيح : دعوى عدم نفاذ التصرف تجعل اى تصرف للمدين “كأن لم يكن”، فإذا كان التصرف هو بيع شقة او سيارة مثلاً، و تقرر عدم نفاذ التصرف (اى ان التصرف غير نافذ او بمعنى آخر كأن لم يكن) فيستطيع أي دائن اتخاذ كافة إجراءات التنفيذ على الشقة والسيارة كأنه لم يقم ببيعها، والشخص الذي اشتري السياره او الشقة يستطيع ان يطالب المدين بالتعويض
شروط دعوى عدم نفاذ التصرف – الدعوى البوليصية
الشروط التي ترجع إلى الدائن
1. أن يكون حق الدائن محقق الوجود وليس احتمالي او معلق على شرط
فإن كان حق الدائن احتمالي، كحق الوارث في تركة مورثه قبل وفاة الموروث، فلا يمكن للدائن أن يستعمل الدعوى غير المباشرة نيابة عن مدينه؛ أما إذا كان الحق معلق على شرط فاسخ فإن ذلك لا يتعارض مع تحقق وجود حق الدائن، لأن الحق المعلق على شرط فاسخ هو حق موجود بالفعل وإن تهدد بالزوال في المستقبل في حالة تحقق الشرط الفاسخ؛ أما إذا كان الحق معلقاً على شرط واقف فإن الدائن لا يستطيع أن يستعمل الدعوى غير المباشرة نيابة عن مدينه في هذه الحالة، وذلك لأن الحق المعلق على شرط واقف غير موجود بالفعل، وإنما وجود الحق معلق على تحقق الشرط الواقف.
الفرق بين أنواع الشروط، الشرط الواقف والشرط الفاسخ:
أ. الشرط الواقف:
هو الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام، فإن تخلف لم يخرج الالتزام إلى الوجود؛ ومثال ذلك أن يعلق الواهب هبته لابنه على شرط أن يتزوج؛ فالزواج هنا شرط واقف، إذا تحقق وتزوج الابن وُجِدَ التزام الأب بالهبة، وإذا تخلف الشرط ولم يتزوج الابن فإن التزام الأب بإعطاء هبة لابنه لا يوجد.
ب. الشرط الفاسخ:
وهو ما يعلق عليه زوال الالتزام القائم والنافذ، فتحقق الشرط الفاسخ المعلق عليه يُحل الملتزم من التزامه، وتزول رابطته؛ ومثال ذلك نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع المدين الأقساط الباقية كل قسط في ميعاده، فالشرط هنا شرط فاسخ، فإذا تأخر المدين في دفع الأقساط الباقية عدّ نزول الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن.
2. أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وسابقاً في نشوئه على التصرف المطعون فيه
إذا كان التصرف الصادر من المدين إلى الغير من قبيل المعاوضات كالبيع مثلاً فإن المشرع تتطلب في هذه الحالة أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وقت قيام المدين بإبرام التصرف، أما إذا كان التصرف الصادر من المدين إلى الغير من قبيل التبرعات كالهبة مثلاً، فيحق لجميع الدائنين أصحاب الحقوق الموجودة وقت إبرام التصرف بالطعن على هذا التصرف بعدم النفاذ في مواجهتهم؛ وسبب التفريق بين تصرف البيع وتصرف الهبة، أن تصرف المدين المعسر إذا كان تبرعاً يفترض فيه أنه وقع إضراراً بالدائنين.
و في هذا الشرط تختلف دعوى عدم نفاذ التصرفات عن الدعوى غير المباشرة التي لا يشترط فيها أن يكون حق الدائن مستحق الأداء، بل يكفي أن يكون حقه موجوداً و خالياً من النزاع .
3. يجب أن يكون حق الدائن سابقاً على التصرف المطعون فيه
يجب أن يكون حق الدائن سابقاً في نشوئه على التصرف المطعون فيه، فإذا نشأ حق الدائن بعد إبرام المدين للتصرف سواءً كان بيع أو تبرعا؛ فلا يحق للدائن أن يطعن على هذا التصرف السابق على نشوء حقه بالدعوى البوليصية لأن حقه وقت إبرام التصرف لم يكن له وجود.
الشروط التي ترجع إلى المدين
1. الإعسار
يشترط أن يكون تصرف المدين مؤدياً إلى إعساره (زيادة ديونه) وأن يبقى الإعسار حتى وقت رفع الدعوى.
2. الغش أو التواطؤ
نظراً لأن إثبات الغش أمر صعب على الدائن رافع الدعوى، فإن المشرع قد يسر له هذا الإثبات فقرر أن الدائن عليه فقط لإثبات الغش أن يثبت أن المدين قد تصرف وهو معسر؛ ومع ذلك يستطيع المتصرف إليه أن يثبت حسن نيته حتى ولو قام الدائن بإثبات علمه بإعسار المدين، وذلك حين يثبت أنه بالرغم من علمه بإعسار المدين، فإنه كان يجهل أن التصرف قد تم إضراراً بالدائن.
مقالة ذات صلة: الفرق بين الإفلاس والإعسار و الصورية و الإحتيال
الشروط التي ترجع إلى التصرف المطعون فيه
1. صدور تصرف قانوني من المدين
فإن ما يصدر من المدين من أعمال مادية ولو كانت أعمال ضارة كحوادث السيارات التي يتسبب فيها المدين لا يمكن الاحتجاج بعدم نفاذها في مواجهة الدائنين وإن ترتب عليها تحميل المدين بالتزامات، وذلك لأن القول بعدم الاحتجاج بهذه الأعمال في مواجهة الدائنين معناه عدم حصول المضرور على التعويض عما أصابه من حوادث وهو ما لا يجوز.
2. أن يكون تصرف المدين ضاراً بالدائنين
مثلا تصرف مفقر للمدين، وهو لا يكون كذلك إلا إذا أدى إلى الانتقاص من حقوق المدين كالهبة مثلاً.
3. أن يكون تصرف المدين تالياً في النشوء حق الدائن
فلا يتصور بالطبع أن يصيب الدائن ضرراً من جراء تصرف المدين إذا كان تصرف المدين قد تم قبل نشوء حق الدائن؛ ومع ذلك فإنه إذا أبرم المدين تصرفاً يريد به الإضرار بدائن مستقبل، فإن أي دائن يستطيع أن يحتج على هذا التصرف بدعوى عدم نفاذ التصرفات، ومن أمثلة هذه الحالة أن يبيع المدين عقاراته كلها قبل أن يبرم عقد القرض، ففي هذه الحالة فإن الغش يؤدي إلى استبعاد هذا الشرط؛ ويقع على الدائن عبء إثبات أن تاريخ التصرف المطعون عليه لاحق على حقه.
تعريف الدعوى الغير المباشرة
هي وسيلة يستخدم فيها الدائن سلطة مدينه ضد مدين المدين، وذلك باسم مدينه ونيابة عنه ويحدث ذلك في المطالبة بحقوقه إذا شعر المدين بتدهور وضعه المالي وان دائنيه سينفذوا على أمواله ولن تبقى له، فقد يتقاعس المدين عن المطالبة اوالمحافظة على حقوقه عمداً أو إهمالاً لذلك خول القاضي الدائن أن يستعمل الحقوق التي قصر المدين عن استعمالها.
تعريف الدعوى المباشرة
وسيلة يستخدم فيها الدائن اسمه الشخصي للمطالبة بحقوق مدينه من مدين مدينه دون ان يتعرض لمزاحمة باقي دائني هذا المدين، وقبل رفع الدعوى فإن القانون يشترط قيام المدين بأعذار مدين مدينه، وعلى هذا فإن الدعوى المباشرة تعد من قبيل الضمان الخاص الذي يتيحه المشرع لصاحب الحق؛ لذلك فهي لا تتقرر لأي دائن إلا بنص قانوني خاص.
ومن أمثلة هذه الدعاوى:
- دعوى المؤجر ضد المستأجر من الباطن.
- الدعوى التى تعطي المقاول من الباطن والعمال الذين يشتغلون لحسابه الحق في مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذي يكون مديناً به للمقاول الأصلي وقت رفع الدعوى.
مقالة ذات صلة: الدعوى المباشرة والغير المباشرة – الفروق والشروط القانونية
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.