في هذه المقالة وضحنا في البداية تعريف القانون، وتعريف الحق، ثم القينا الضوء على أركان الحق وأشخاص الحق وخصائص الشخصية الطبيعة والتي منها الحالة ثم وضحنا أنواع الحالة والتي منها الحالة السياسية (الجنسية) وهو موضوع مقالة اليوم؛ فقمنا بتوضيح تعريف الجنسية، ثم وضحنا أنواع الجنسية وهي الجنسية الأصلية والجنسية الطارئة، والقينا الضوء على ظاهرة انعدام الجنسية وظاهرة تعدد الجنسيات، وختمنا المقالة بتوضيح موقف المشرع المصري من الجنسية الأصلية والتبعية.
تعريف القانون
درج الفقهاء على تعريف القانون بأنه: “مجموعة القواعد العامة المجردة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، وتقترن بجزاء مادي يكفل احترامها”؛ والقانون وفقا لهذا التعريف هو القانون بمعناه العام، وهذا المعنى هو المستفاد من لفظ القانون عند إطلاقه.
غير أن اصطلاح القانون قد لا ينصرف إلى هذا المعنى العام، فقد يقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية لتنظيم مسألة معينة، فيقال مثلاً قانون المحاماة أو قانون تنظيم الجامعات؛ وفي هذه الحالة ينصرف اصطلاح القانون إلى معنى أضيق من المعنى السابق، حيث يقصد به التشريع فقط، وللعلم التشريع ليس هو القانون بمعناه الواسع ولكنه أحد مصادر القانون.
مقالة ذات صلة: القانون: تعريفه، خصائصه، أهميته، أقسامه، مصادره، أقسامه
تعريف الحق
الحق هو استئثار شخص بميزة معينة استئثارًا يحميه القانون؛ فالحق استئثار، أي أن الميزة تنسب لصاحب الحق، وتثبت له دون غيره؛ والميزة التي يستأثر بها صاحب الحق هي عبارة عن سلطات معينة يمارسها بقصد إشباع مصلحة معينة، فالميزة هنا تتضمن وسيلة وغاية، ولا يقتصر معناها على السلطة وحدها أو المصلحة بمفردها، فمالك الأرض يستأثر بميزة معينة هي سلطاته في استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه بغرض تحقيق مصلحة معينة له من الاستعمال أو الاستغلال أو التصرف.
والميزة، سواء باعتبارها وسيلة أو غاية، يجب أن تكون مشروعة، وإن كنا لم نورد ذلك في التعريف، فإن ذلك مفهوم ضمنا، وبحكم الضرورة؛ لأن صاحب الحق إذا استخدم سلطاته لتحقيق مصلحة غير مشروعة فإن القانون لن يحمي له استئثاره بميزته، لأننا نكون قد خرجنا عن نطاق الحق. والقانون يحمي استئثار الشخص بالميزة، وهو إذ يحمي هذا الاستئثار، فإن ذلك يفترض بالضرورة أنه يقره لأنه لا يتصور أن يحمي القانون ميزة معينة لشخص وهو لا يقرها.
والنتيجة الطبيعية للاستئثار بالميزة هي وجوب احترام الغير للحق، سواء في صورة واجب سلبي عام يقع على عاتق الكافة، باحترام الحق أو في صورة واجب خاص يقع على عاتق المدين بالوفاء بدينه لصاحب الحق الشخصي؛ والتزام الغير باحترام الحق مصدره القانون الذي يحمي الاستئثار بالميزة، فلم يكن من المتصور أن يقر القانون استئثار شخص بميزة ثم يتركه دون حماية ضد اعتداء الغير.
مقالة ذات صلة: الحق: تعريفه، أنواعه، أركانه، مصادره، أشخاصه، محله
أركان الحق
ذكرنا أن الحق هو استئثار شخص بميزة معينة استئثاراً يحميه القانون، ويظهر من هذا التعريف أن الحق يفترض أولا شخصاً معيناً يٌثبت له الاستئثار، ومن ثم التسلط والاقتضاء، وعلى ذلك فالركن الأول في الحق هو الأشخاص أصحاب الحقوق ؛ ثم إن الاستئثار ينصب على قيم أو أشياء معينة هي محل الحق، ومحل الحق إما أن يكون شيئا كما في الحقوق العينية، وإما أن يكون عملأ أو امتناع عن عمل، كما في الحق الشخصي، وبالتالي فالأشياء أو الأعمال هي الركن الثاني في الحق.
أما الحماية القانونية للحق، فهي وإن كانت ضرورية له، فهي ليست ركنا فيه، ولقد تناولنا الحماية القانونية عند تناولنا استعمال الحق، بهذا يتحدد موضوع أركان الحق بمسألتين هما: أشخاص الحق ومحل الحق.
أشخاص الحق
المقصود بالشخص
المقصود بالشخص من الناحية القانونية هو من يتمتع بالشخصية القانونية.
المقصود بالشخصية القانونية
الشخصية القانونية معناها الصلاحية لاكتساب الحقوق والتحمل بالواجبات، أي الالتزامات، فكل من كان صالحا لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، يسمى في لغة القانون شخصاً، ولكل شخص الصلاحية لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، والشخصية القانونية تثبت للإنسان بمجرد ولادته، والإنسان يسمى الشخص الطبيعي؛ وبالإضافة إلى الإنسان، فان الشخصية القانونية تثبت لبعض مجموعات من الأشخاص أو الأموال، كالجمعيات والمؤسسات، وهذه المجموعات التي تكتسب الشخصية القانونية تسمى شخصاً معنوياً أو اعتبارياً، لأنها شيء معنوي غير محسوس.
مقالة ذات صلة: أنواع الشركات – الشركات الفردية وشركات الأشخاص وشركات الأموال
مميزات أو خصائص الشخصية
- الفرع الأول : الاسم.
- الفرع الثاني: الحالة.
- الفرع الثالث: الموطن.
- الفرع الرابع: الأهلية.
- الفرع الخامس: الذمة المالية.
تستطيع الإطلاع على كل ميزة من مميزات الشخصية بالتفصيل بالضغط علي المقالة المنفصلة المشار اليها باللون الازرق.
تعريف الحالة
قلنا فيما سبق إن الشخصية القانونية هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والتحمل بالواجبات. ولكن نطاق هذه الشخصية أي مدى ما يتمتع به الشخص من حقوق أو ما يتحمله من التزامات يختلف باختلاف حالته.
والحالة هي مجموعة صفات يتصف بها الشخص، وتؤثر في حقوقه وواجباته وهذه الصفة قد يتصف بها الشخص تجاه الدولة التي يعيش على أرضها، فيكون الشخص تبعاً لنوع هذه الصلة وطنيا أو أجنبيا، وسمى الحالة هنا بالحالة العامة أو السياسية، وقد يتصف الشخص بصفة معينة إذا ما نظر إليه كفرد في أسرة، فيكون أباً أو أو أما أو ابناً، وهكذا…، وتسمى هذه الحالة المدنية أو العائلية. وقد يترتب على اعتناق الشخص لديانة معينة آثار خاصة بحقوقه وواجباته، وهذه تسمى بالحالة الدينية.
أنواع الحالة
وعلى ذلك، فإننا سنتناول كل نوع من أنواع الحالة:-
- الحالة العامة او السياسية (موضوع هذه المقالة)
- الحالة العائلية او المدنية
- الحالة الدينية
الحالة العامة أو السياسية (الجنسية)
تتحدد الحالة العامة للشخص طبعا لعلاقته بالدولة التي يقيم فيها، وانتساب الشخص لدولة معينة يعبر عنه بالجنسية،
تعريف الجنسية
الجنسية هي مصطلح يشير إلى الدولة التي يكون الشخص مواطناً لها أو أحد رعاياها، والجنسية تتضمن خضوع الشخص لسيادة الدولة التي ينتمي إليها وشموله برعايتها والحصول علي امتيازات مثل المشاركة فى الحياة السياسية والمناصب العامة وتحمل التزامات مثل الخدمة العسكرية ودفع الضرائب.
أثر الجنسية على الشخصية القانونية
يؤدي تمتع شخص بجنسية دولة معينة إلى اختلاف مركزه القانوني عن الأجنبي الذي لا يتمتع بهذه الجنسية، وذلك لأن الأجنبي لا يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الوطني، على التفصيل الآتي:
بالنسبة للحقوق العامة وهي الحقوق التي تثبت للإنسان لمجرد كونه إنسانا، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، وهي تسمى أيضا حقوق الشخصية لأنها لصيقة بشخصية الإنسان لا تنفك عنها، فان الوطنيين والأجانب يتمتعون بها على حد سواء، وذلك من حيث المبدأ، فيكون للأجنبي حقه في سلامة جسمه وحقه في التنقل وحرية العمل وحرية الفكر والرأي، ولكن في بعض الأحيان يضع المشرع الوطني بعض القيود على تمتع الأجانب بهذه الحقوق، مراعاة للمصلحة العامة للدولة، وذلك مثل تقييد حق الأجانب في التنقل في إقليم الدولة، أو منعهم من مباشرة مهن معينة، كالطب والمحاماة.
أما بالنسبة للحقوق الخاصة التي يحكمها القانون الخاص، فإنه يعترف ببعضها للأجانب،- فمثلا يجوز للأجنبي أن يتعامل بالبيع والشراء والإيجار والاستئجار ويتملك الأموال، لكن المشرع قد يضع قيودا على ذلك، مثل حظر تملك الأجانب للعقارات، وخاصة الأراضي الزراعية، كما هو الحال في مصر؛ ويدخل في طائفة الحقوق الخاصة حقوق الأسرة، فلا يتصور أن يمنع الأجنبي من الزواج أو من ثبوت نسبه لأبيه، ولكن يمنع من أن يكون وصيا على الغير، أما بالنسبة للحقوق السياسية فإنها محظورة على الأجانب بصفة عامة، فلا يكون للأجنبي حق الانتخاب أو الترشيح لعضوية المجالس النيابية، وليس له حق تولي الوظائف العامة.
أنواع الجنسية
الجنسية إما أن تكون جنسية أصيلة أو جنسية طارئة:-
الجنسية الأصلية
الجنسية الأصيلة هي التي يكتسبها الشخص منذ ميلاده، ويكتسب الشخص الجنسية منذ ميلاده طبقا لأحد أساسين، وهما حق الدم وحق الإقليم.
أ. حق الدم
المقصود بحق الدم هو أن يكتسب الشخص جنسية الدولة التي ينتمي إليها أبواه، فابن المصري يكون مصريا منذ ولادته، أي يكتسب الجنسية المصرية التي يتمتع بها والده؛ وهذا المبدأ تأخذ به الدول المكتظة بالسكان، والتي تسمى دولا مصدرة للسكان.
ب. حق الإقليم
المقصود بحق الإقليم أن يكتسب الشخص جنسية الدولة التي يولد على إقليمها، بصرف النظر عن جنسية والديه، وتأخذ بهذا المبدأ الدو قليلة السكان، وهي التي تسمى الدول المستوردة للسكان.
وفي الحقيقة، فإنه لا توجد دولة تأخذ بحق الدم وحده أو بحق الإقليم وحده، وإنما غالبا تأخذ الدولة بأحد الأساسين بصفة أصلية، وتأخذ بالأساس الآخر بصفة تكميلية، وذلك هو الحال في مصر، كما سنرى.
الجنسية الطارئة
الجنسية الطارئة هي التي يكتسبها الإنسان في وقت لاحق على ميلاده، وهذا يتحقق أيضاً عن طريقين: إما بالتجنس أو بالزواج:-
أ. التجنس
التجنس معناه أن يبدي الإنسان رغبته في الانتماء لجنسية دولة معينة، ثم توافق سلطات هذه الدولة على منحه جنسيتها بعد التحقق من الشروط التي ينص عليها قانونها لضمان جدية الرغبة ولضمان عدم إضرار تجنسه بمصلحة الدولة.
ب. الزواج
وقد تكتسب الجنسية اللاحقة بالزواج، فبعض الدول تمنح جنسيتها للزوج الأجنبي إذا تزوج بامرأة تتمتع بهذه الجنسية أو تمنح الزوجة جنسيتها بمجرد زواجها بأحد الوطنيين.
ظاهرة انعدام الجنسية
قد يكون الشخص غير متمتع بأي جنسية على الإطلاق، وهذه هي ظاهرة انعدام الجنسية؛ فظاهرة انعدام الجنسية توجد مثلا في حالة ما إذا ولد الشخص في بلد تأخذ بحق الدم من أب ينتمي بجنسيته إلى بلد تأخذ بحق الإقليم، ففي هذه الحالة لا يكتسب جنسية البلد التي ولد فيها لأن أباه غير متمتع بجنسيتها ولا يكتسب جنسية البلد الآخر لأنه لم يولد فيه، وبالتالي لا يكون له أي جنسية.
ظاهرة تعدد الجنسيات
هذا وقد يحدث أن يكون للشخص في نفس الوقت أكثر من جنسية، وهذه هي ظاهرة تعدد الجنسيات، وظاهرة تعدد الجنسيات توجد في الفرض العكسي، أي لو ولد الشخص في بلد تأخذ بحق الإقليم، وكان أبوه ينتمي لبلد تأخذ بحق الدم، ففي هذه الحالة يكتسب جنسية البلد التي ولد فيها وجنسية البلد التي ينتمي إليها والده أي يكون له جنسيتان.
الجنسية في القانون المصري
موقف المشرع المصري من الجنسية الأصيلة
لم ينظم القانون المدني الجنسية المصرية، وإنما اكتفى بالإشارة إليها في المادة ٣٣، بالقول بأن “الجنسية المصرية ينظمها قانون خاص”، وتطبيقا لهذه المادة صدرت عدة قوانين متتالية لتنظيم الجنسية المصرية آخرها هو القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥، وقد أخذ هذا القانون أساسا بحق الدم في منح الجنسية المصرية، فكل من ولد لأب مصري أو لأم مصرية يكتسب هذه الجنسية (مادة ٢/ ١) سواء أن يكون قد ولد في مصر أو في خارجها، ولكن بالإضافة إلى ذلك اعتد بحق الإقليم في حالة معينة، منها الحالة التي يولد فيها الطفل في مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له (مادة ٢/٢) أو يولد في مصر من أم مصرية ولم يثبت نسبه لأبيه قانونا (مادة ٣/٢)، وهذه هذه حالة الولد الطبيعي، وحالة اللقيط، أي من يولد في مصر من أبوين مجهولين مادة (٤/٢).
موقف المشرع المصري من الجنسية الطارئة
أما عن موقف المشرع المصري من الجنسية الطارئة فقد قرر المشرع إمكان اكتسابها عن طريق التجنس أو الزواج، فنظم تجنس الأجنبي بالجنسية المصرية وشروط اكتسابه لها (مادة ٤)، كما نص على أن المرأة الأجنبية التي تتزوج من مصري يمكنها أن تكتسب الجنسية المصرية إذا أعلنت رغبتها في ذلك لوزير الداخلية واستمرت الزوجية قائمة مدة سنتين من تاريخ الإعلان، ولكن يجوز لوزير الداخلية بقرار مسبب قبل فوات مدة السنتين حرمان الزوجة من اكتساب الجنسية المصرية (مادة ٧ من قانون الجنسية)، ويجدر التنبيه هنا إلى أن المشرع المصري لم يسو بين من يحمل الجنسية الأصيلة ومن يحمل الجنسية الطارئة، فقد قرر أن من يحمل الجنسية الطارئة لا يكون له حق التمتع بالحقوق الخاصة بالوطنيين أو مباشرة حقوقه السياسية قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية، كما لا يجوز انتخابه أو تعيينه عضوا في أي هيئة سياسية قبل مضي عشر سنوات من التاريخ المذكور (مادة 8).
إلا أن القانون أجاز أن يعفى صاحب الجنسية الطارئة من القيد الأول أو من القيدين معا، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية، ويكتفى بقرار من وزير الداخلية إذا كان صاحب الجنسية الطارئة قد انضم إلى القوات المحاربة المصرية وحارب في صفوفها (مادة 8 من قانون الجنسية).
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.