في هذه المقالة نوضح المتغيرات البيئية الخارجية (متغيرات البيئة الخارجية) بالتفصيل، وهي المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديموغرافية والجغرافية والسياسية والحكومية، والقانونية والتكنولوجية والتنافسية.
تعريف الإدارة الإستراتيجية
الإدارة الاستراتيجية Strategic Management هي مجموعة التصرفات والقرارات التى تعمل على إيجاد استراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة، ورغم أن هذا التعريف يميل أكثر إلى العمومية والتوصيف لطبيعة العمل الاستراتيجي الإداري، فإن هناك من عرّف إدارة الاستراتيجية من منطلق الأدوار والمراحل الضرورية لإتمامها، ومن هؤلاء (Fred R David) فريد داوود الذي عرفها بقوله: “فن وعلم صياغة، وتطبيق، وتقويم التصرفات والأعمال التي من شأنها أن تمكن المنظمة من وضع أهدافها موضع التنفيذ”.
ومن خلال ذلك يتضح أن هناك ثلاث مراحل أساسية لإتمام عملية إدارة الاستراتيجية وهي:-
أ. صياغة الاستراتيجية: Strategy Formulation
ب. تطبيق الاستراتيجية: Strategy Implementation
ج. تقويم الاستراتيجية: Strategy Evaluation
مقالة ذات صلة: الإدارة الإستراتيجية: التعريف، الأهمية، الأهداف، المراحل، التطور
مقالة ذات صلة: مراحل الإدارة الإستراتيجية
تعريف البيئة الخارجية
البيئة الخارجية هي جميع العوامل والظروف الخارجية للمنطمة والتي لها تأثير على قراراتها وأهدافها وأدائها العام؛ وتوفر البيئة الخارجية المدخلات (المواد الخام والعمالة والمال والطاقة) للمنظمات، والتي يتم تحويلها بعد ذلك إلى منتجات أو خدمات وإعادتها إلى البيئة الخارجية كمخرجات، والمنظمات بشكل عام لا تتحكم في هذه العوامل الخارجية.
وتحتاج المنظمات إلى مراعاة جميع عوامل البيئة الخارجية الخاصة بها وتعديل خطط أعمالها وأهدافها وفقًا لذلك، وهذا من شأنه أن يضمن استمرار عمل المنطمات بسلاسة ودون انقطاع؛ وبالإضافة إلى ذلك، البيئة الخارجية توفر الفرص والتهديدات للمنظمات؛ ومن ثم، عندما تقوم الشركة بتعديل بيئتها الداخلية مع البيئة الخارجية، يصبح من الممكن لها الاستفادة من الفرص البيئية وتجنب التهديدات البيئية.
وتنقسم البيئة الخارجية عادة إلى فئتين – البيئة الصغري والبيئة الكلية:
- البيئة الصغرى: تشمل البيئة الصغرى (البيئة الدقيقة) كل تلك العوامل التي لها تأثير مباشر على أنشطة المنظمة لأنها موجودة في البيئة المباشرة المحيطة بالمنظمة، وهذه العوامل لها تأثير على أداء المنظمة ويمكن السيطرة عليها إلى حد ما؛ وتشمل البيئة الصغرى العملاء والمنافسين والموردين والعملاء والوسطاء.
- البيئة الكلية: عادة ما يكون للبيئة الكلية تأثير على الصناعة بأكملها وليس فقط على منظمة معينة، وتُعرف أيضًا باسم البيئة العامة ولا يمكن للمنظمة التحكم فيها؛ ومن ثم، تحتاج المنظمة إلى تكييف عملياتها وفقًا للتغيرات في البيئة الكلية؛ وتشمل البيئة الكلية البيئة الاقتصادية والبيئة السياسية والقانونية والديموغرافية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والعالمية.
مقالة ذات صلة: تحليل البيئة الخارجية بالتفصيل – إدارة إستراتيجية
تحليل البيئة الخارجية
يتكون الإطار المقترح لإتمام عملية تحليل البيئة الخارجية بفعالية من خمس خطوات هي:
- اختيار المتغيرات البيئية الرئيسية. (موضوع هذه المقالة)
- اختيار المصادر الرئيسية للمعلومات البيئية.
- استخدام أدوات وأساليب التنبؤ.
- تكوين مصفوفة الملامح التنافسية.
- تكوين مصفوفة تقويم العوامل الخارجية.
المتغيرات البيئية الرئيسية
إن تحليل البيئة الخارجية لا بد وأن يبدأ أولاً باختيار المتغيرات الرئيسة المؤثرة فى بيئة المنظمة، وهذه المتغيرات يمكن أن تختلف بدرجة كبيرة من منظمة لأخرى، ومن وقت لآخر للمنظمة نفسها، وذلك حسب موقف وظروف الشركة، والصناعة التي تنتمى إليها.
ويمكن تقسيم المتغيرات البيئية إلى خمس فئات أساسية هى:
- القوى الاقتصادية.
- القوى الاجتماعية والثقافية والديموغرافية والجغرافية.
- القوى السياسية والحكومية، والقانونية.
- القوى التكنولوجية.
- القوى التنافسية.
ويوضح الشكل التالي العلاقة بين القوى البيئية الرئيسة والشركة.
إن أية تغيرات يمكن أن تحدث في العناصر البيئية سوف تتحول إلى تغيرات في طلب المستهلك لكل من السلع، أو الخدمات الاستهلاكية أو الصناعية؛ فالتغيرات البيئية تؤثر على تطوير المنتجات، واستراتيجيات تقسيم السوق، وأنواع الخدمات المعروضة. فالتعرف على وتقويم الفرص والتهديدات يمكن الشركة من صياغة، أو إعادة صياغة، رسالتها الأساسية، وتصميم إستراتيجيتها التى تمكنها من تحقيق أهدافها الأساسية، وتطوير السياسات اللازمة لإنجاز الأهداف التشغيلية.
1. القوى الاقتصادية
إن التضخم والكساد الاقتصادي قد سببا كثيرا من التغيرات الحادة في أنماط شراء المستهلكين خلال عقد الثمانينيات حتى الآن، لذا أصبح من السائد لدى غالبية الناس: “اشتر الآن، وادخر فيما بعد”، وهذا يكون – بالطبع – على حساب الأمن المستقبلي؛ وللعناصر الاقتصادية تأثير مباشر على الجاذبية المحتملة لاستراتيجيات الشركات المختلفة، ويمكن لنا أن نستعرض أهم المتغيرات الاقتصادية التي تمثل في الغالب فرصا أو تهديدات للمنظمات المختلفة، كما تتضح من خلال ما يأتي:
- التحول لاقتصاديات الخدمات، كما هو الحال في الولايات المتحدة.
- إمكانية الحصول على قروض.
- مستوى الدخل المتاح للتصرف.معدلات الفائدة.
- ميل الأفراد للانفاق.
- معدلات التضخم.
- معدلات سوق النقود
- اتجاه الناتج القومي الإجمالي.
- أنماط الاستهلاك.
- اتجاهات البطالة.
- مستوى إنتاجية العامل.
- قيمة الدولار في الأسواق العالمية.
- اتجاهات سوق الأسهم (البورصة).
- الحالة الاقتصادية للبلاد الأجنبية.
- معاملات الاستيراد والتصدير
- تقلبات الطلب لفئات مختلفة من السلع والخدمات.
- الفروق في الدخل بين المجموعات الاستهلاكية والإقليمية المختلفة
- تقلبات الأسعار.
- تصدير العمل ورأس المثل للخارج.
- السياسات النقدية.
- معدلات الضرائب.
- التكتلات الاقتصادية.
وبصفة عامة، فإن التطورات والاتجاهات والقضايا والحقائق الاقتصادية التي تؤثر على المنظمات المختلفة، تنشر أسبوعيا ويوميا، وهناك الكثير من الشركات التى تتابع هذه الاتجاهات، وتعمل على الاستفادة بما فيها من فرص، وتجنب القيود، والعمل على مواجهتها.
مقالة ذات صلة: العوامل الاقتصادية: ما هي، وشرح أهم 10 عوامل اقتصادية
2. القوى الاجتماعية والثقافية والجغرافية والديموغرافية
إن على أية منظمة تريد أن تحافظ على نموها وربحيتها، أن تعمل على التعرف على تأثير التغيرات الاجتماعية والقانونية و الديموغرافية والجغرافية على أسواقها وعملائها، وما تقدمه لهم من سلع أو خدمات، وسواء أكانت هذه المنظمات صغيرة أم كبيرة، تهدف للربح أو لا تهدف له، صناعية أم خدمية، فإنها لا بد وأن تواجه بتحديات هذه القوى، وما تفرضه عليها من فرص أو تهديدات.
إن الحياة فى مصر فى السبعينيات اختلفت بصورة كبيرة عنها فى الستينيات، ولا تزال هذه التغيرات مستمرة، فما حدث فى الثمانينيات اختلف كثيرا جداً عنه فى السبعينيات، وما حدث فى التسعينيات فاق بكل ما سبقه،وما حدث فى العقد الأول من الألف الثانية كان مذهلا وأما ما حدث فى العقد الثانى ٢٠١١ فكان مزلزلا وخاصة ما عرف بثورات الربيع العربي التى غيرت قواعد اللعبة محليا وإقليميا ودوليا، وعلى سبيل المثال يمكن أن نشاهد التغير الكبير الذي حدث فى الأذواق والعادات والأنماط الاستهلاكية لدى المستهلك المصري.
فمثلاً فى سلعة مثل الملابس، سواء كانت للسيدات أم للرجال؛ ففى الستينيات كان الشائع للجنسين هى الملابس التفصيل، ولم يكن للجاهز أي تأثير يذكر، وأخذت ملابس الرجال تتجه نحو التوسع في الملابس الجاهزة التي أصبحت تعرض تشكيلات جيدة ومناسبة لجميع الأذواق والأعمار؛ مما استطاعت أن تقضي تقريباً على ظاهرة التفصيل التي أصبحت في مرحلة الانحدار.
ولا شك أن الشركات التى تعمل في مثل هذا المجال من السلع عليها – إن أرادت النجاح – أن تدرس مثل هذه الاتجاهات الاجتماعية والدينية والثقافية والديموغرافية، وأثرها على ما تقدمه من سلع أو خدمات؛ حيث تمثل مثل هذه التغييرات فرصا للبعض وتهديدات للبعض الآخر، فالترزية – مثلاً – تعرضوا من ذلك لتهديد كبير بينما اعتبر ذلك بمثابة فرصة عظيمة لأصحاب المصانع والمستثمرين في مجال الملابس الجاهزة، وكذلك متاجر بيع الملابس الجاهزة الرجالي.
ومن أمثلة المتغيرات الأخرى التي تؤثر في هذا الصدد، والتي يجب دراستها وتحديد آثارها على ما تنتجه أية منظمة من سلع أو خدمات:
- التوزيع العمري للسكان في المجتمع وتطوره.
- حالات تأخر الزواج، وكذلك اتجاهات معدلات الطلاق.
- اتجاه المرأة للعمل، والتعليم عموماً.
- زيادة عدد أفراد الطبقة الوسطى في المجتمع.
- نسبة التصويت في الانتخابات العامة ممن لهم حق التصويت، وهل تتجه نحو الزيادة أو النقصان.
- مدى الالتزام بالقيم والأخلاق الأساسية واحترامها في المجتمع.
- النظرة إلى العمل، ودرجة الإنتماء إلى منظمات الأعمال، وشعور الفرد بالرضا عنها، والتي نجدها قوية جدا في مجتمع مثل اليابان، بينما تتجه إلى المزيد من الضعف في مجتمع مثل أمريكا، كذلك إلى الضعف الشديد في مجتمع مثل مجتمعنا المصري؛ مما ينعكس على معدلات الغياب، ودوران العمل، والإنتاجية للعامل.
- اتجاهات الزيادة في دخل الفرد سنويا، ودرجة التحسن في مستوى معيشته ونمط حياته.
- عدد جماعات المصالح الخاصة في المجتمع.
- عدد المواليد والوفيات وحالات الحمل.
- معدلات الهجرة الداخلية والخارجية.
- برامج التأمين الاجتماعي.
- عدد المساجد، ودور العبادة الأخرى، ودرجة الإقبال عليها
- درجة التحكم في التلوث والحفاظ على البيئة
- الاتجاه نحو وقت الفراغ، وكيف يخطط الأفراد لقضائه
- الاتجاه نحو جودة المنتجات، وخدمة المستهلك والاهتمام به
- متوسط مستوى التعليم واتجاهاته
- العادات الشرائية، والاتجاه نحو الادخار والاستثمار.
ولقد تناولنا المزيد من المعلومات عن القوى الاجتماعية والثقافية والجغرافية والديموغرافية فى مقالة منفصلة بعنوان القوى والعوامل الاجتماعية والثقافية والديموغرافية والجغرافية التى تؤثر فى المنظمات أنصح بالإطلاع عليها.
3. القوى السياسية والحكومية والقانونية
إن هذه المجموعة أيضا من القوى (سياسة، وقانونية، وحكومية) يمكن أن تمثل نوعا من الفرص أو التهديدات لأية منظمة، مهما كان حجمها، أو نشاطها، أو شكلها ملكيتها، أو هدفها؛ ونظرا للتداخل الشديد بين دول العالم المختلفة، نتيجة للتقدم الهائل في وسائل الاتصال والمواصلات، والعلاقات بين الدول المختلفة، فإن أثر النواحي السياسية والقانونية والحكومية لم يعد قاصراً على مستوى الدولة الواحدة، وإنما أصبح أثراً ممتداً فيما بين الدول المختلفة؛ لذا فإن على أية شركة تعمل وتريد النجاح، أن تكون قادرة على تحليل البيئة السياسية، والتنبؤ بما يمكن أن تنطوي عليه من فرص أو تهديدات، وتطوير الاستراتيجيات المناسبة للتعامل معها.
دور الحكومة في التأثير على منظمات الأعمال
يمكن تصنيف دور الحكومات فى ذلك فى ثلاث مجموعات من الأنشطة وهى:
- الأولى: أنشطة ترويجية
- الثانية: أنشطة تنافسية
- الثالثة: أنشطة تعويقية
لذا يمكن القول بأن المقصود بالتدخل الحكومي هو قرار تأخذه حكومة أي دولة بما يؤثر على منشأت الأعمال، ويجبرها على تغيير عملياتها أو سياساتها، أو أهدافها أو إستراتيجيتها؛ ويمكن للتدخل الحكومى أن يتدرج من نوع من الرقابة المحدودة جدا، إلى تدخل كامل فى صميم عمل منظمات الأعمال.
دراسة وتحليل البيئة السياسية
لا بد لأية شركة تعمل في مجال الأعمال بهدف الربح أو مجرد تأدية خدمة دولية أو محلية، أن تعمل على دراسة وتحليل البيئة السياسية التى تعمل بها أو سوف تعمل بها، وهذه الدراسة لا يمكن أن تنتهي أو تتوقف أبدا طالما أن هذه الظروف والقوى فى حالة تغير مستمر لا يتوقف أبدا؛ومن أهم النماذج المستخدمة للتنبؤ بالبيئة السياسية، وخاصة الخارجية، النموذج الذي استخدمته شركة (أرثر ديلتيل)، ويتكون من دراسة وتحليل خمسة معايير وهي:
- مستوى التنمية الاجتماعية السائد في المجتمع.
- مستوى التقدم التكنولوجي في المجتمع.
- درجة وفرة الموارد الطبيعية.
- مستوى الهدوء والاستقرار المحلي.
- نوع النظام السياسي.
أهم استراتيجيات مواجهة المخاطر السياسية
إن المخاطر السياسية من أكثر الأشياء التى لها تأثير واضح، وخاصة في مجال الشركات التي تعمل في نطاق السوق الدولي؛ لذا فإنه في حالة حدوث أي تهديد أو مخاطر سياسية على إحدى هذة الشركات، فإنه يكون أمامها أحد البدائل الاستراتيجية الثلاثة الآتية:
أ. استراتيجية المواجهة والتحدي
ومعنى اتباع هذة الاستراتيجية أن الشركة قادرة على عملية التحدي والمواجهة، ولا يحدث ذلك إلا إذا كان المنتج الذي تنتجه مثل هذة الشركة يتميز بمزايا تجعله مهما إستراتيجيا بالنسبة للدولة التي تعمل فيها الشركة، وليس أمامها بديل آخر، في هذه الحالة يمكن للشركة أن تفرض نفسها ولا تتأثر بأية تهديدات سياسية أو قانونية؛ لأنها تكون فى موقف الأقوى والقادر على فرض شروطه.
ب. استراتيجية التكيف
وفي هذه الحالة لا تكون الشركة من القوة بحيث يمكنها تحدي المخاطر السياسية التي تتعرض لها، وفي الوقت نفسه فإنها لا تريد التفريط هذة السوق أو التخلي عنها؛ لّذا فإن الاستراتيجية المناسبة حينئذ هي استراتيجية التكيف مع الأوضاع الجديدة، وعدم مواجهتها أو الانسحاب.
ج. استراتيجية الانسحاب
وفي هذة الحالة تكون الشركة من الضعف لدرجة أنها لا تستطيع المواجهة، ومنتجها لا يمثل أهمية تذكر بالنسبة للدولة التي تمثل مصدر مخاطر وتهديد، وهنا لا تستطيع الشركة الاستمرار في نشاطها، حتى ولو بمحاولة تكييف نفسها مع الوضع الجديد، فلا يكون أمامها إلا الانسحاب من هذه السوق إلى أن تتغير الأوضاع إلى الأفضل، وتحاول البحث عن أسواق بديلة تعوضها عن السوق أو الأسواق التي فقدتها.
أهم المتغيرات السياسية والقانونية والحكومية
من أهم المتغيرات التى يجب على المحلل للظروف السياسية والقانونية والحكومية أن يأخذها في الاعتبار ما يأتي:
- الترتيبات والقواعد الحكومية.
- تغييرات في قوانين الضرائب.
- الرسوم الخاصة.
- معدلات المشاركة فى التصويت فى الإنتخابات العامة
- عدد وقوة وموقع الاحتجاجات ضد الحكومة
ولقد تناولنا المزيد من المعلومات عن القوى السياسية والحكومية والقانونية فى مقالة منفصلة بعنوان القوى والعوامل السياسية والحكومية والقانونية التى تؤثر فى المنظمات أنصح بالإطلاع عليها.
4. القوى التكنولوجية
إن ما يحدث فى الآونة الأخيرة من ثورات تكنولوجية، مثل ما حدث ولا يزال في هندسة الكمبيوتر، والإنسان الآلي، والمصانع التى تُدار بالكامل بدون وجود العامل البشري، والعقاقير المتطورة جدا، والاتصالات الفضائية، وأشعة الليزر، وغير ذلك، قد أدى إلى خلق تأثيرات كبيرة وخطيرة على منظمات الأعمال المختلفة؛ ومن مظاهر هذا التأثير ما يمكن أن تؤدي إليه التكنولوجيا المتطورة من خلق أسواق جديدة، ومنتجات جديدة ومتطورة، وتغيير موقف التكلفة التنافسية النسبية، وجعل السلع والخدمات الحالية متقادمة؛ فهي تؤثر على منتجات وخدمات المنظمة، وعملائها، وموزعيها، ومزوديها، ومنافسيها، وأسواقها، وعملياتها الإنتاجية، وممارساتها التسويقية، ومركزها التنافسي.
وليس هناك الآن شركة أو صناعة يمكنها أن تعيش في معزل عن تلك التطورات الهائلة التى تحدث في شتى نواحي التكنولوجيا وبصورة متسارعة لا تتوقف؛ وبالرغم من أن درجة التأثر بالتطورات التكنولوجية تختلف من صناعة إلى أخرى، إلا أن القرار الاستراتيجي أصبح أكثر تأثرا بالتطورات التكنولوجية، وما تمثله من فرص أو تهديدات، وخاصة الشركات ذات التكنولوجيا المعقدة.
ولكن ما يحدث في الواقع العملي فعلاً، أن معظم القرارات التكنولوجية المهمة تفوص إلى المستويات التنظيمية الأدنى، أو يتم صنعها على عجل دون تدبر وفهم كاف لانعكاساتها الاستراتيجية، مما قد يعرض مثل هذه الشركات إلى مواقف حرجة ربما تقضي عليها بالكامل؛ ويرجع ذلك – في الغالب – إلى أن رجال إدارة الاستراتيجية ينفقون الكثير من وقتهم في قضايا أخرى عديدة تمثل أولوية بالنسبة لهم، مثل تحليل الموقف السوقي، والحصة السوقية، ووضع سياسات المنتج من سعر وخلافه، والتنبؤ بالمبيعات وحجم السوق والموزعين؛ وفي الحقيقة لا تنال النواحي التكنولوجية الاهتمام نفسه من الإدارة العليا.
ولعل ما حدث لشركة نوكيا لعام 2012/2013 ليس ببعيد؛ فبعد تربع على عرش صناعة المحمول منفردة، لا ينافسها فيه أحد، إذ يتدهور موقفها التنافسي بشكل درامي متسارع يجعلها تخرج من السوق، وتشتريها مايكروسوفت ب 8 مليار دولار فقط بعدما كانت قيمتها السوقية في العام الأسبق ب 80 مليار، لم يكن ذلك سوى انعكاس لتخلف الإدارة العليا في اتخاذ قرارات استراتيجية مهمة في الوقت المناسب؛ مثل تكنولوجيا الشاشة باللمس، وإدخال تكنولوجيا الأندرويد…!
ولا شك أننا جميعا قد سمعنا عن تلك الأزمة المدوية التي تكاد تعصف بسمعة شركة سامسونج هي الأخرى بعد فشل أحد موديلاتها في سوق المحمول والتى عولت عليه كثيرا (جلاكسي نوت ٧) حيث حدثت مشكلة غريبة وهي انفجار في بطاريته ترتب عليه عدة حرائق، مما أدى إلى وضع الشركة في وضع دفاعي حرج على المستوى العالمي جعلها تسحب جميع الوحدات المباعة منه في النهاية، وانخفضت أسهمها لأكثر من ١٠ مليار دولار، ولكنها استطاعت ان تقاوم ولم تتلاشى من سوق المحمول
ففي ظل اشتداد المنافسة في مثل تلك الصناعات عالية التقدم التكنولوجي والمعتمدة إلى حد كثير على الابتكار والإبداع المتسارع والمستمر، سيتلاشى من السوق تماماً أي شركة تفقد إدارتها الاستراتيجية القدرة على التركيز ولو للحظات، ومن أهم الأسئلة التي تساعد على تحليل شامل لتأثير النواحي التكنولوجية على أية منظمة ما يأتي:
- ما هي التكنولوجيا الموجودة داخل المنظمة؟
- وما هي التكنولوجيا التى يستقاد بها فعلاً في أعمال المنشأة ومنتجاتها، وأجزاء ومكونات هذه المنتجات؟
- وما هي درجة الارتباط الحرج بين كل نوع من أنواع التكنولوجيا الموجودة وبين كل نوع من أنواع المنتجات أو الأعمال التي تضطلع بها المنظمة؟
- وأيها يعتبر مشتركا في أكثر من منتج أوخدمة؟
- وما هي التكنولوجيا التي توجد في الأجزاء والمواد المشتراة؟
- وأيها يمكن أن يكون حرجا في المستقبل؟ ولماذا؟ وهل سوف تظل الشركة قادرة على الحصول عليها من خارجها؟
- وكيف كان تقويم أداء هذه التكنولوجيا مع الوقت؟ وفي أي الشركات تم ابتكار هذه التكنولوجيا؟
- وما هو التقويم المحتمل لهذه التكنولوجيا في المستقبل؟
- وما هي الاستثمارات التي تخصصها الشركة للتكنولوجيا الحرجة؟
- وما هي الاستثمارات والاتجاهات الاستثمارية للمنافسين في كل من الماضي والمستقبل؟ الفعلي والمخطط؟
- ما الذي كان من هذه الاستثمارات التكنولوجية في جانب العمليات والمنتجات (بالنسبة للشركة ومنافسيها)؟ وما الذي كان في جانب التصميم والإنتاج؟
ولقد تناولنا المزيد من المعلومات عن القوى التكنولوجية فى مقالة منفصلة بعنوان القوى والعوامل التكنولوجية التى تؤثر فى اى منظمة أنصح بالإطلاع عليها.
5. القوى التنافسية
إن تحليل المنافسين يعني محاولة الشركة التعرف على وتحليل نواحي القوة والضعف، والقدرات، والفرص والتهديدات، والأهداف، والاستراتيجيات التنافسية للشركة. وهذا يتطلب تجميع معلومات عن المنافسين وتحليلها لتحقيق مراجعة دقيقة وفعالة للبيئة التنافسية التي تواجهها المنشأة.
ومن أهم الأسئلة التى يجب على أية منشأة تعمل على محاولة التحليل الفعال لبيئتها التنافسية، أن تجيب عليها بدقة وبموضوعية ما يأتي:
- ما هي جوانب القوة الأساسية منافسينا؟
- ما هي جوانب الضعف الرئيسية لديهم؟
- ما هي الأهداف والاستراتيجيات الرئيسية لهم؟
- كيف يكون تصرف المنافسين الرئيسين لنا تجاه الظروف البيئية المختلفة التي تؤثر في الصناعة؟
- ما هو التصرف الأكثر احتمالا لمنافسينا تجاه استراتيجياتنا البديلة؟
- ما هو وضع منتجاتنا في مقارنة منتجات منافسينا؟
- إلى أي درجة تدخل منشآت منافسة جديدة وتخرج أخرى قديمة؟
- ما هي العناصر الأساسية التي تشكل الوضع التنافسي الراهن؟
- كيف تغيرت مراكز المنافسين من حيث الأرباح والمبيعات في السنوات الأخيرة؟ ولماذا؟
- ما هي طبيعة العلاقات مع الموزعين والموردين في هذه الصناعة؟
- إلى أي درجة يمكن التوصل إلى منتجات بديلة يمكن أن تهدد المنافسين في هذه الصناعة؟
ولد تناولنا المزيد من المعلومات عن القوى التنافسية فى مقالة منفصلة بعنوان البيئة التنافسية: تعريفها، أنواعها، تحليلها بالتفصيل أنصح بالإطلاع عليها.
فى النهاية آخر نقطة انت من ستضيفها فى التعليقات، شارك غيرك ولا تقرأ وترحل.